خلفية البحث وهدفه: ينتمي نبات الإصطرك الطّبّيStyrax officinalis إلى الفصيلة الإصطركيّة Styracaceae، وهو من النباتات البرية واسعة الانتشار في دول شرق البحر الأبيض المتوسط وإيطاليا واليونان وتركيا وسوريا وفلسطين وجنوب شرق فرنسا، يتواجد في سوريا في الجّبال الساحليّة خاصّة ويعدُّ من النباتات الطبية الهامّة التي تستخدم في الطّب الشعبي. هدفت هذه الدراسة إلى تحديد العناصر التشخيصية المجهرية لأجزاء النبات، وتحديد أهم المكونات الكيميائية الموجودة فيها
مواد البحث وطرائقه: جُمع النبات من محافظة طرطوس-الكفرون وفصلت أجزاءه المختلفة (أزهار،ثمار،أوراق) وجففت ثمَّ طُحنت. أجريت تفاعلات الكشف عن المستقلبات الثانوية (فينولات، فلافونوئيدات، تانينات، سابونينات، غليكوزيدات قلبية، قلويدات، كومارينات) باستخدام كواشف مناسبة، وتمَّ تحديد العناصر المجهرية لكل جزء من النبات على حدة بواسطة المجهر الضّوئي والالكترونيّ.
النتائج: تبيّنَ من خلال الدّراسة وجود عناصر مجهريّة عديدة أهمّها الأوبار النجمية، المسام من النوع المتوازي وحبّات الطلع مثلثيّة الشكل. كما أظهرت تفاعلات الكشف الكيميائي وجود كل من المركبات الفينولية و السابونينية و التانينية و الغليكوزيدات القلبية وغياب الفلافونوئيدات والقلويدات.
الاستنتاجات: أظهرت الدّراسة الحالية تفاعلات الكشف المتنوعة لجميع أجزاء النبات، ويتميّز النبات بأنّه يحتوي على الغليكوزيدات القلبية والسابونينات التي يجب استغلال وجودها طبّياً، ومن خلال الدراسة المجهرية، تماثلت حبوب الطلع مثلثية الشكل مع أنواع أخرى من هذا الجنس، وتم تحديد عناصر تشخيصية مميزة في النبات مثل الأوبار النجمية ونمط المسام في مما يساهم في فهم أكثر لتصنيف الإصطرك.
المقدّمة
يعدُّ Styrax جنس واسع الانتشار في دول شرق البحر الأبيض المتوسط وإيطاليا واليونان وتركيا وسوريا وفلسطين وجنوب شرق فرنسا [1-3]. يتمثل الاصّطرك Styrax في الوطن العربي بالاصّطرك المخزني S.officinalis المنتشر في الجبال الساحليّة السوريّة حتى 1600 م فوق مستوى سطح البحر، وهو معروف بأسماء عربية كالـعَبْهر الذي تعرف ثماره بالحُوز، وهي مستعملة في الساحل السوري في صيد الأسماك التي تتخدر بعطره وتطفو على سطح الماء، ويستحصل من الأصطرك المخزني على راتنج عطري، معروف بالَميعْة الجافة يستعمل في صناعة العطور [2]. الاصطرك المخزني S.officinalis هو شجيرة تصل إلى 6 أمتار لها أوراق صغيرة بشكل بيضوي تعرف باسم “SNOWBELL TREES“.تتفتّح أزهار متدليّة تشبه زهر البرتقال جرسيّة الشّكل وتكون عطريّة الرّائحة، يتميّز الإزهرار فيها بنمط عنقودي (3-8 أزهار) الأزهار مؤلّفة من بتلات بيضاء اللّون ملتحمة رمحيّة الشّكل أطول ثلاث إلى أربع مرات من الكأس، وتحتوي على أسدية (10-12 سداة ملتصقة في قواعدها)، تمتدّ فترة الإزهار من نيسان حتّى حزيران حسب الموقع الجغرافي، أمّا الثّمار فهي بيضوية الشّكل صغيرة النّواة، مغطّاة بأوبار بيضاء ممّا يعطيها مظهراً قطنيّاً، وغالباً ماتكون وحيدة النّواة، وتنضج في أواخر أيلول و تشرين الأوّل [4]. يستخدم النّبات في الطّب الشّعبيّ لعلاج أمراض القلب والأوعية الدّمويّة، السّل، الوذمة، السّكتة الدّماغية، الجذام، الإمساك، تقرّحات الجلد، الجرب، أمراض الجهاز التّنفسي، الطّفح الجلدي والدّفتيريا، وله استخدام صيدلاني كعامل معلّق يدخل في تركيب الأدوية المضادّة للحموضة [3].
هدف البحث: يهدف البحث إلى الكشف الكيفي عن بعض المستقلبات الثّانويّة في كل من (أزهار-أوراق-ثمار) لنوع S.officinalis بالإضافة إلى اجراء دراسة مجهريّة لمساحيق أجزاء النّبات المدروسة باستعمال تقنية المجهر الضوئي والمجهر الإلكتروني بهدف تحديد أهم العناصر التّشخيصيّة التي تعتبر مؤشّرات تصنيفيّة يمكن الاعتماد عليها في تصنيف هذا النّبات وتثبيت نوعه.
مواد البحث وطرائقه
المواد الكيميائية:
كلوريد الحديد Iron chloride (من شركة Panreac)، كبريتات النحاس Copper sulfate (من شركة HiMedia laboratories)، فانيلين Vanellin و معدن المغنزيوم ( من شركة CHEM-LAB)، كلوريد الألمنيوم Aluminium chloride ( من شركة Scharlau)، حمض كلور الماء Hydrochloric acid من شركة SHAMLAB)، كلوروفورم Chlorophorm (من شركة Riedel-de Haen)، تالك Talc و جيلاتين Gelatin (من شركة Riedel-de Haen)، كلوريد الزئبق mercuric chloride (من شركة Himedia)، حمض المر Picric acid وحمض الحماض Oxalic acid وحمض البور Boric acid (من شركة Panreac)، حمض الكبريت الكثيف Sulfuric acid (من شركة Merck KGaA Darmstadt)، ودي نتروبنزوئيك أسيد 3,5-Dinitrobenzoic (من شركة Titan biotech LTD)، أمونياك Ammonia (من شركة Scharlau)، ايثانول مطلق Ethanol absolute وميثانول مطلق Methanol absolute (من شركة Sigma-Aldrich)، هيبوكلوريت الصوديوم، حمض الخل الممدد، ملون أخضر اليود وأحمر الكارمن، غليسرين، كلورال هيدرات.
الأجهزة المستخدمة Apparatus used:
مجهر ضوئي (من شركة Olympus)، مجهر الكتروني، ميزان حسّاس، مصباح الأشعة فوق البنفسجيّة UV (CAMAG).
مكان إجراء الدراسة:
مخابر قسم العقاقير في كلية الصّيدلة-جامعة دمشق، هيثة الطّاقة الذّرية.
اعتيان النّبات Sampling:
جمعت أزهار وأوراق النّبات خلال مرحلة الإزهار في الفترة بين أيّار وحزيران من العام 2023 من منطقة الكفرون (طرطوس-سورية) كما جمعت الثّمار النّاضجة في الفترة بين شهر آب وأيلول من نفس موقع الدّراسة ونفس العام. غُسلت أجزاء النّبات وجفّفت بالظل بدرجة حرارة الغرفة بعيداً عن أشعّة الشّمس حتى ثبات الوزن وحُفظت في أوعية زجاجيّة بعيداً عن الضّوء والرّطوبة.
الكشف الكيفي عن المستقلبات الثانوية في مسحوق الأجزاء المختلفة (أوراق-أزهار-ثمار):
تمَّ الكشف عن الزّمر الكيميائية وفق البروتوكول المذكور (khazem.,2023) [5]
الكشف عن الفلافونوئيدات
تتفاعل الفلافونوئيدات الموجودة في الخلاصة الإيتانولية مع كاشف كلوريد الألمنيوم بتركيز 5%، فينتج تألق أزرق تحت أشعة UV بطول موجة 366 نم
يضاف0.5 غ من معدن المغنزيوم إلى 5 مل من الخلاصة الإيتانولية ومن ثم يضاف 1 مل من حمض كلور الماء المركز. ينتج لون أحمر إلى وردي في حالة احتواء الخلاصة على فلافونوئيدات نمط فلافون.
يضاف إلى 10 مل من الخلاصة الإيتانولية 0.25 غ من حمض البور و 0.25 غ من حمض الحماض. ينتج تألق أصفر مخضر تحت أشعة UV بطول موجة 366 نم في حال احتواء الخلاصة على فلافونوئيدات من نمط فلافون (Ghannam et al., 2020) [6].
الكشف عن التانينات
يضاف قطرات من كاشف كلوريد الحديد الممدد إلى 1 مل من الخلاصة الإيتانولية.
يتشكل لون أخضر داكن في حال احتواء الخلاصة على تانينات قابلة للحلمهة، ولون أزرق مسود في حال احتواءها على تانينات غير قابلة للحلمهة.
يضاف قطرات من كاشف خلات الرصاص بتركيز 10% إلى 1 مل من الخلاصة.
يظهر لون بني في حالة احتواء الخلاصة على التانينات[7] (Shaikh & Patil, 2020) .
يضاف بضع قطرات من كاشف الجيلاتين 1% مع محلول كلوريد الصوديوم 10% إلى 1 مل من الخلاصة. يتشكّل راسب أبيض اللون في حالة احتواء الخلاصة على التانينات(Shaikh & Patil, 2020) [7] .
الكشف عن الكومارينات
يوضع بضع قطرات من الخلاصة الايتانولية على ورقة ترشيح. ينتج تألق أزرق تحت أشعة UV بطول موجة 366 نم في حال احتواء الخلاصة على كومارينات (Zohra et al.,2012) [8].
الكشف عن الانتراكينونات
يستخلص 1 غ من العقار باستخدام 10 مل من الكلوروفورم لمدة 10 دقائق ثم يرشح، ويضاف إلى الرشاحة 2 مل من النشادر. ينتج لون أحمر في الطبقة المائية في حال احتواءه على أنتراكينونات حرة (Alkhoury et al.,2023) [9] .
يتم إجراء حلمهة حامضية وذلك بغلي مقدار 1 غ من مسحوق العقار مع 2 مل من حمض الكبريت الممدد و2 مل من محلول 5% كلوريد الحديد لمدة 5 دقائق. ومن ثم يتابع التفاعل كما في تفاعل بورنتريغر.
الكشف عن الغليكوزيدات القلبية [5,10]
تجفَّف الخلاصة الكلوروفورمية ويضاف قطرة من إيتانول 90% وقطرتان من كاشف 3,5 dinitro benzoic acid في الإيتانول و 1 مل من محلول هيدروكسيد الصوديوم 20% . يظهر لون أرجواني في حال احتواء الخلاصة على مركبات تحوي حلقات لاكتونية خماسية.
يضاف الى 1 مل من الخلاصة 1 مل من محلول حمض المر، فيظهر لون مائل للبرتقالي في حال احتواء الخلاصة على لاكتون خماسي بوتينوليد.
يضاف إلى 2 مل من الخلاصة الإيتانولية 1مل من حمض الخل الثلجي وقطرة من محلول 5% كلوريد الحديد و1 مل من حمض الكبريت الكثيف، فيظهر لون بني محمر وتتشكل حلقة بلون اخضر مزرق عند السطح الفاصل بين الطبقتين في حال احتواء الخلاصة على غليكوزيدات قلبية
الكشف عن السابونينات
يحل 1غ من النبات في 10 مل ماء ساخن ضمن أنبوب، ويرج بشدة فتتشكل رغوة ثابتة في حال احتواءه على سابونينات.
تعطي التيربينوئيدات والستيروئيدات ذات جذور الهيدروكسيل ألواناً ثابتة عند إضافة مادة مؤكسدة وحمض معدني.
الكشف عن القلويدات
يُجفَّف 20 مل من الخلاصة الإيتانولية وتحل البقيا في 5 مل من حمض كلور الماء وترشح. يؤخذ 1 مل من الخلاصة المركزة ويوضع في أنبوب اختبار ويضاف بضع قطرات من أحد الكواشف التالية: (كاشف دراجندروف -كاشف ماير -كاشف فاغنر -كاشف هاغر)، ينتج رواسب بلون برتقالي وأبيض وبني وأصفر على التوالي في حال احتواء الخلاصة على قلويدات.
الدراسة المجهرية للنبات
جفِّفت الأجزاء النّباتية كلّاً على حدة وبعدها طُحنت وفحُصت بواسطة المجهر الضّوئي والمجهر الالكتروني وحُدّدت العناصر التّشخيصيّة الموجودة في السّاحة لكلّ جزء من الأجزاء، حيث وضعت كمية من محلول كلورال هيدرات الغليسيريني على صفيحة زجاجيّة نظيفة وفوقها كميّة مناسبة من مسحوق الجزء المدروس وسُخّنت بلطف باستخدام اللّهب ثم غطيّت بساترة زجاجيّة ودُرست بواسطة المجهر الضّوئي بعدستي تكبير( 10x وx40 ) وبواسطة المجهر الإلكتروني.
النتائج
نتائج تفاعلات الكشف الكيفي عن المستقلبات الثانوية
يوضّح الجدول (1) نتائج تفاعلات الكشف الكيفي عن المستقلبات الثانوية التي طبقت على أجزاء النبات (أوراق-أزهار-ثمار)
نتائج الدراسة المجهرية
الأزهار والأوراق:
لوحظ العناصر التشخيصية التالية:
الثمار:
أما في المجهر الالكتروني فلوحظ مايلي:
المناقشة
بناء على النّتائج التي تمّ الحصول عليها في تفاعلات الكشف الكيميائي والمقارنة مع النتائج المنشورة في الأدبيّات السّابقة: أظهر التفاعل مع كلوريد الحديد إيجابيّة ممّا يدلّ على احتواء النّبات على المركبات الفينولية و توافق ذلك مع Yayla و Jaradat [3,11] تشير إيجابيّة تفاعلي كلور الحديد وترسيب الجيلاتين والرّصاص الى وجود التّانينات القابلة للحلمهة في أجزاء النّبات باستثناء الأزهار التي أظهرت إيجابيّة فقط مع تفاعل الكاتشين مما يدل على وجود تانينات متكاثفة فقط. تشير إيجابيّة تفاعلات كيد وبالجيت وكيلر كلياني على احتمالية وجود غليكوزيدات قلبيّة وتوافقت في ذلك معjaradat [3]. تظهر ايجابيّة تفاعل الرّغوة وتفاعل زليتكس زاك والتّفاعل مع الألدهيدات العطرية احتواء النّبات على سابونبنات توافق مع ما وجد في دراسات سابقة [11-13]. أعطى كل من تفاعلي شينودا وويلسون تابوك نتيجة سلبيّة دلالة على عدم وجود الفلافونوئيدات في الثمار واختلفت النّتيجة في ذلك عن نتائج (Jaradat et al., 2018) [3] وتوافقت مع(Dip R et al) [13]. فيما يتعلّق بالأنتراكينونات، فقد أظهر تفاعل بورنتريغر وبورنتريغر المعدّل نتائج سلبيّة في جميع الأجزاء المدروسة، مما يدل على غياب الأنتراكينونات بشكلها الحرّ والغليكوزيدي. جميع تفاعلات التّرسيب المجراة للكشف عن القلويدات كانت سلبيّة، مما تشير إلى عدم احتوائه على القلويدات وهذه الدّراسة تختلف عن نتائج jaradat التي أظهرت إيجابيّة للقلويدات في النّبات.
ومن خلال الدّراسة المجهرية:
أضاءت هذه الدّراسة على وجود عناصر تشخيصيّة مميّزة، حيث يحتوي النّبات على أوبار نجميّة التي تُعتبر عنصر تشخيصي مميّز للنبات، وتم تحديد نمط المسام من النّمط المتوازي ويُعتبر عنصر تشخيصي هام لُوحظ وجود أوبار نجميّة كثيفة في الوجه العلوي للأوراق، بينما تكون أقل كثافة ومتباعدة في الوجه السّفلي. تماثلت حبّات الطلع مثلثية الشكل ثلاثية الثقوب الّتي شوهدت في مسحوق الأزهار والأوراق مع الأنواع الأخرى لهذا الجنس مع دراسة Hofmann.,(2018) [14] .
الاستنتاجات
يحتوي نبات الإصطرك على مركبات فينولية وتانينات قابلة للحلمهة وتانينات متكاثفة. احتمالية وجود غليكوزيدات قلبية في أجزاء النبات بناءً على نتائج التفاعلات مع كيد وبالجيت وكيلر كلياني الّتي من المهم استغلال وجودها طبيّاً. لم يلاحظ وجود فلافونوئيدات في الثمار بناءً على نتائج تفاعلات شينودا وويلسون تابوك، وهذا يتطابق مع بعض الدراسات السابقة. غياب الأنتراكينونات في جميع أجزاء النبات بناءً على نتائج تفاعلات بورنتريغر. عدم احتواء النبات على قلويدات بناءً على نتائج تفاعلات الترسيب المجراة. من خلال الدراسة المجهرية، تماثلت حبات الطلع مثلثية الشكل مع أنواع أخرى من هذا الجنس وتم تحديد عناصر تشخيصية مميزة في النبات مثل الأوبار النجمية ونمط المسام التي يمكن اعتبارها عناصر تشخيصية هامة في علم العقاقير ومؤشرات تصنيفية هامّة لهذا النوع من جنس الإصطرك.
المراجع :