خلفيَّة البحث وهدفه: تُسهم دراسات الانتشار المصلي لأضداد IgG تجاه فيروس كُورونا المُستجدّ SARS-CoV-2 في تقييم انتشار العدوى واستعراف المناعة المُجتمعيَّة التي تُعدُّ عاملاً مُهمّاً للتَّرصّد الوبائیَّ لـ COVID-19 والمُساعدة في رسم استراتيجيّات التَّصدِّي المُناسبة في أنحاء العالم. هدفَت دراستُنا لتحرّي تواتر الإيجابيَّة المَصليَّة لأضداد الـ IgG تجاه فيروس SARS-CoV-2 لدى طُلّاب كليّة الصّيدلة -جامعة دمشق وكوادرها خلال الموجة الخامسة للعدوى بـ COVID-19 التي تُعزى للمُتحوّر أوميكرون، ودراسة العلاقة بين إيجابيَّة هذه الأضداد المَصليَّة والمُتغيّرات الدِّيموغرافيَّة والسَّريريَّة لأفراد الدِّراسة.
مواد البحث وطرائقه: في هذه الدراسة المَسحيّة المَقطعيَّة، قمنا بتحري إيجابيّة الأضداد المَصليَّة IgG تجاه فيروس SARS-CoV-2 باستخدام اختبار الكشف السَّريع في الفترة المُمتدَّة من مُنتصف شباط إلى 24 نيسان من عام 2022. جمعت البيانات الدِّيموغرافيَّة والسَّريريّة والتَّاريخ المرضيّ لدى أفراد الجمهرة وفق استبانةٌ إلكترونيَّة، وحُلّلــت البيانــات إحصائيّــاً باســتخدام برمجيـّـةGraphPad PrismÒ بإصدارها التّاسع.
النَّتائج: بلغت نسبة الإيجابيَّة المَصليَّة لأضداد الـ %67.07 IgG لدى مُجمل جمهرة دراستنا n=410))، وأجاب 384 منهم (%93.66) على بنود الاستبانة الإلكترونيَّة. شكَّلت الإناث غالبية المُشاركين بنسبة (%58.85). وصرَّحت نسبةٌ قدرها %43.48 من أفراد الجَمهرة بإصابةٍ سابقةٍ عرضيّة بـ كوفيد19-، في حين بلغت نسبة المُلقّحين %48.44. سُجِّلت النسب الأعلى للإيجابيَّة المصليَّة لدى كلٍّ من الإناث، والأفراد الذين أصيبوا سابقاً بـ كوفيد19-، والحاملين لزمرٍ دمويَّةٍ إيجابيَّة العامل الرَّيصيّ. لا تدعم نتائجنا وجود فارقٍ ذي دلالةٍ إحصائيّة في الإيجابيَّة المصليَّة بين الأفراد المُلقحين وغير المُلقحين.
الاستنتاج: بيّنت دراستُنا إلى أنَّ نسبةً تفوق ثلثي أفراد الجمهرة المَدروسة كانت إيجابيَّة الأضداد IgG المَصليَّة تجاه فيروس كورونا المُستجدّ خلال فترة إجراء الدِّراسة المُتزامنة مع موجة الإصابة بمتحوّر الأوميكرون، وأثبتت وجود فروقات ذات دلالةٍ إحصائيَّةٍ في نسب إيجابيّة اختبار أضداد IgG المصليَّة بناءً على مُتغيرات الجنس، والإصابة العَرضيّة السّابقة بالكوفيد19-، وإيجابيَّة العامل الرَّيصيّ.
المقدمة Introduction
شكّل ظُهـــور فَيـــرُوس كُورونـــا المُســـتجدّ في عام 2019، والـــذي أُطلـــق عليـــه مُسـمَّى فَيـرُوس كُورونا 2 المُسبّب للمُتلازمة التَّنفُّسيَّة الحادَّة الوخيمة (SARS-CoV-2)، تحديَّاً صحّيَّاً عالميَّاً مُستجدّاً في القرن الحادي والعشرين. تالياً تسجيل أوّلى الإصابات به في مدينة ووهان الصّينيّة أواخر شهر ديسمبر من عام 2019، اجتاح الفَيرُوس العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم وخلال فترةٍ زمنيّةٍ قصيرةٍ، مِمّا دَفع مُنظّمة الصِّحَّة العالميَّة للإعلان عنه جائحةً عالميّة في 11 آذار عام2020 .(1) أَعلنت وزارة الصِّحَّة السُّوريَّة عن تسجيل أوَّل إِصابةٍ مُؤكّدةٍ بفيروس كُورونا المُستجدّ في 22 آذار 2020، وجاء ذلك رغم اتّخاذ الحُكومة مجموعةً من الإجراءات الاحترازيَّة والوقائيَّة نظــراً لاتّساع رقعة انتشار الفيروس في دول الجوار. حيث أصدَرت رئاسَة مجلس الوزراء في 13 آذار 2022 قراراً بتعليق الدَّوام في المدارس والجَامِعات، إضافةً لإيقاف الفعّاليات الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة والرّياضيَّة والتي تشهد تَجمُّعات كبيرة. ثمّ، عادت المطاعم والمدارس والمتاجر لفتح أبوابها من جديد مع تخفيف إجراءات العزل تدريجيًّاً بدءاً من شهر مايو أيَّار 2022.(2) بلغ عددُ الإصابات المُسجَّلة في سورية حتَّى الخامس والعشرين من شهر نيسان عام 2022 قرابة 55,816 إصابة و3,150 حالة وفاة. أعلنت وزارة الصِّحّة السُّوريَّة في شباط 2022 عن بدء الموجة الخامسة من إصابات الكوفيد19- والنّاجمة عن المُتحوّر أوميكرون Omicron (B.1.1.529)، والتي أعقبت أربع موجاتٍ مُتتابعة تَسبَّبت بها المُتحوّرات ألفا alpha (B.1.1.7)، بيتا beta (B.1.351)، غامّا gamma (P.1)، ودلتا delta (B.1.617.2)، على التّوالي، كما هو مُوضّح في الشّكل 1.(3) ومن المُتوقَّع أن تكون الأرقام الفعليَّة أعلى من الأرقام المُسجَّلة رسميّاً، وذلك لجملةٍ من الأسباب نذكر منها؛ مَحدوديّة توفّر الأدوات التَّشخيصيّة؛ وعلى الأخص اختبار البوليمراز التَّسلسليّ PCR)) نظراً لتكلفته العالية، الأمر الذي حال دون قيام الجّهات الصحيّة بدراساتٍ مسحيّةٍ مُجتمعيّة، إضافة لعدم التماس عددٍ كبيرٍ من المرضى مِمّن كانت شدّة إصابتهم خفيفة أو مُتوسّطة للرعاية الصّحيَّة، كذلك وجود العديد من الحالات اللاعرضيَّة أو دون السَّريريَّة والتي لم يسجّل أفرادها أيَّ عرضٍ نوعيٍّ لعدوى الفيروس.(4) أُجري العديد من دراسات الانتِشار المصليّ في كثيرٍ من دُول العالم(6,5) ، وتنوّعت هذه الدّراسات من حيث تَصميمها والجمهرات السُّكّانيَّة المَدروسة والاختبارات المصليّة/السّيرولوجيَّة المُستخدَمة، وذلك بهدف الاستِقراء الاستِدلاليّ لمدى انتشار الجائحة بشكلٍ فعليٍّ، ورسم صورة أكثر اكتمالاً عن العدد الحقيقيّ للسُّكّان الذين أُصيبوا بعدوى الفيروس، إضافةً لتقييم المَناعة المُجتمعيَّة ومحاولة معرفة فترة استدامتها والعوامل المؤثِّرة فيها ومدى اختلافها بين شخصٍ وآخر، بغية تحقيق فهمٍ أفضل لتطوُّر المناعة النّوعيَّة تجاه عدوى كُوفيد (7)19. هدفت دراستنا لاستعراف انتشار الغلوبيولين المناعيّIgG تجاه فَيروس SARS-CoV-2 وذلك بغية تحديد نسبة الأفراد الذين طوَّروا مَناعة تحميهم من العدوى خلال الموجات المُحتملة مُستقبلاً، إضافةً لدراسة علاقات الارتباط بين مجموعةٍ من المُتغيرات الدِّيموغرافيَّة والسَّريريَّة وإيجابيَّة هذه الأضداد لدى جمهرة من طلاب كليّة الصّيدلة وكوادرها التَّعليميّة والإداريَّة في جامعة دمشق.
المواد والطرائِق Materials and Methods
قمنا بإجراء دراسةٍ مسحيّةٍ مقطعيّةٍ مُستعرِضة cross-sectional لاستعراف إيجابيَّة الأضداد المَصليَّة IgG لدى جمهرة من طلاب كليَّة الصَّيدلة في مرحلتي السّنوات الدُّنيا والدِّراسات العُليا، إضافةً لأعضاء الهيئة التَّدريسيَّة والطاقمين الفنيّ والإداريّ، في كليّة الصَّيدلة جامعة دمشق. جُمعت بيانات المُشاركين في الدِّراسة (معلومات ديموغرافيَّة، والتَّاريخ المرضيّ للإصابة بـ كوفيد19-، ومعلومات حول تلقي لقاح كوفيد19- مُعتمدين في ذلك على استبيانٍ الكترونيٍّ صُمّم من قبلنا لهذه الغاية. وتمّ استعراف إيجابيّة أضداد الـ IgG كيفيَّاً بالاستعانة باختبار الرِّعاية السَّريريَّة للغلوبيولين المناعيّ (G) والغلوبيولين المناعيّ (M) لفيروس كورونا-سارس-2 المُستجدّ (nCOVID-19 IgG & IgM POCT) الذي أُجري باتّباع تعليمات المُصنّع (Technogenetics srl-Italy) حيث أُخرج شريط الاختبار من الغِلاف المعدنيّ ووُضع على سطحٍ أفقيٍ بعد تدوين اسم الفرد المبحوث عليه. وُخِز رأس الإِصبع بعد تعقيمه بالكحول بإبرةٍ واخزة للحصول على قطرةٍ من الدَّم، ووُضعت قطرة الدَّم في بئر العينات مع الحرص على عدم تشكُّل أيّة فقاعات. أُضيفت ببطءٍ ثلاثُ قطراتٍ من الوقاء المُمدِّد للعينات إلى البئر، مع المُحافظة على وضع شريط الاختبار بشكلٍ أفقيّ. قُرئت النّتيجة خلال الخمس عشرة دقيقة التّالية على النَّحو التّالي:
-1 الغلوبيولين المناعيّ M إيجابيّ (+)/والغلوبيولين G سلبي (-) ، عند ظهور الأشرطة المرئيَّة ذات اللّون الأرجوانيّ المُحمَر عند خط الشاهد (C-line) وخط الاختبار 1 (T1) من شريط الاختبار. -2 الغلوبيولين المناعيّ G إيجابيّ (+)/ والغلوبيولين M سلبيّ (-) ، عند ظهور الأشرطة المرئيّة المُلوَّنة عند خط الشاهد وخط الاختبار 2 (T2).
-3الغلوبيولين المناعيّ G إيجابيّ (+)/ والغلوبيولين M إيجابيّ (+) ، عندما ظهور الأشرطة المُلوَّنة عند كلا خطي الاختبار T1 وT2 إضافة لخط الشاهد. -4 الغلوبيولين المناعيّ G سلبيّ (-)/ والغلوبيولين M سلبيّ (-) ، عند ظهور الخط الأرجوانيّ المُحمَر عند خط الشاهد فقط. -5 لا تُعتمد النتيجة في حال عدم ظهور شريطٍ ملونٍ مرئيٍّ بمحاذاة خط الشاهد.
حُلّلت البيانات إحصائيّاً باستخدام برمجيَّة GraphPad prism 9.2Ò، وتمَّ التَّعبير عن المُتغيرات المُستمرّة التي تَتبع التَّوزُّع الطَّبيعيّ بالمُتوسّط والانحراف المعياريّ، أمّا المُتغيرات الفئويَّة مثل الجنس والفئة العمريّة ومكان الإقامة والتَّاريخ المرضيّ فقد تمَّ التَّعبير عنها باستخدام التَّواتر والنسب المئويَّة. دُرِسَت العلاقة بين إيجابيَّة الأضداد المَصليّة والعديد من المُتغيرات الدِّيموغرافيّة والسَّريريّة لجمهرة الدِّراسة وذلك بإجراء اختبار فيشر Fisher’s exact test أو كاي تربيع Chi-square test أو Pearson correlation test. اُعتُمدت P< 0.05 بمثابة قيمة دلالة مُعتدٍّ بها لجميع الاختبارات الإحصائيَّة المُطبَّقة.
النَّتائج Results
امتدّت الدِّراسة من مُنتصف شهر شباط إلى 24 نيسان 2022. من أصل الـ 410 مُشاركاً في الدّراسة ممّن خَضعوا جميعاً لاختبار الأضداد السَّريع، كانت الأضداد المَصليَّة IgG إيجابيّة لدى 275 فرداً وبنسبةٍ بلغت (%67.07)، كما كانت الأضداد المصليّة IgM إيجابيّةً لدى (29) فرداً بنسبةٍ بلغت (%7.09). أجاب 384 (%93.66) من أفراد الدّراسة الذين أَجري لهم اختبار الكشف السَّريع عن الأضداد على أسئلة الاستبيان الإلكترونيّ، وتوزّع المُشاركون بين 158 من الذُكور بنسبة (%41.15) و226 من الإِناث بنسبة (%58.85). بلغ متوسط منسب كتلة الجسم body mass index (BMI)23.44 كغ/م٢ لدى أفراد الدّراسة وتوزَّعوا وفقاً لمكان الإقامة والفئات العمريَّة كما هو مُوضَّح في الجدول (1)، حيث بلغت نسبة المُقيمين في محافظة دمشق (%70.83) مُقابل نسبة(%29.17) من القاطنين في ريف دمشق. كانت النسبة الأكبر من المُشاركين من طلّاب السَّنوات الدِّراسيّة الدُّنيا (%46.09)، تلاهم طُلّاب الدِّراسات العُليا (%30.73)، وأعضاء الهيئة التَّدريسيّة (%10.42)، إضافةً لأفراد الطاقمين الإدرايّ والفنيّ والذين شكّلوا نسبة (%7.81) و(%4.95)، على التَّوالي. كان أكثر من نصف أفراد الدِّراسة من غير المُدخّنين (%57.03)، في حين بلغت نسبة المُدخّنين منهم (%30.47)، وصُنّف باقي المُشاركين كمُدخّنين سلبيّين (%12.50). سجَّل طُلاب السَّنوات الدُّنيا والدِّراسات العُليا نسبةً مُرتفعةً وصلت إلى (%75.7)من المُدخنين رغم أنّهم يشكّلون شريحةً ذات درجةٍ عالية من الوعي الصّحي. بلغ تواتر إيجابيّة الأضداد المَصليّة نسبةً أعلى لدى الإِناث ((%73 مُقارنةً بالذُكور (%61.4)، وبفارقٍ مُعتدٍّ به إحصائيَّاً (P=0.0193). سُجِّلت النسبة الأعلى (%72.97) لإيجابيَّة الأضداد المَصليّة لدى أفراد الفئة العُمريّة (39-30) سنة، والنسبة الأدنى (60%) لدى الأفراد الذين تَجاوزت أعمارهم الـ 60 عاماً. تَقاربت نسب الإيجابيّة بين أفراد سكّان دمشق ((%66.91 وريفها (%71.43). ولم يُسجَّل وُجود فارقٍ إحصائيٍّ مُعتدٍ به في نسب الإيجابيَّة المَصليَّة تبعاً للمهنة، وعلى الرّغم من أنّ نسبة الإيجابيّة كانت أعلى لدى غير المُدخنين (%70.83) بالمقارنة مع نظيرتها لدى غير المُدخنين (%61.54)، إلّا أنَّ الفارق لم يكن ذا دلالةً إحصائيّة (0.0740 P=).
الجدول (1). تَوزُّع إيجابيّة الأضداد المَصليّة وفقاً للخصائص الدِّيموغرافيّة لجمهرة الدِّراسة | |||||
المُتغيّر | العدد الكُليّ (n=384) | إيجابيَّة أضداد IgG المصليَّة
(n= 275) |
* P value | ||
العدد | النّسبة المئويَّة | العدد | النّسبة المئويَّة | ||
الجنس | |||||
إِناث | 226 | %58.85 | 165 | %73.00 | 0.0193 |
ذُكور | 158 | %41.15 | 97 | %61.40 | |
الفئة العمريّة (سنة) | |||||
29-20 | 268 | %69.79 | 187 | %69.77 | 0.4371 |
39-30 | 37 | %9.64 | 27 | %72.97 | |
60-40 | 64 | %16.67 | 39 | %60.93 | |
60+ | 15 | %3.9 | 9 | %60 | |
منسب كتلة الجسم )متوسط حسابي ± انحراف معياري) كغ/م٢ | |||||
23.44 ± 6.837 | 0.7426 | ||||
مكان الإقامة | |||||
دمشق | 272 | %70.83 | 182 | %66.91 | 0.4018 |
ريف دمشق | 112 | %29.17 | 80 | %71.43 | |
المهنة | |||||
كادر تدريسيّ | 40 | %10.42 | 26 | %65 | 0.7480 |
طاقم إداريّ | 30 | %7.81 | 18 | %60 | |
طاقم فنّيّ | 19 | %4.95 | 13 | %68.42 | |
طُلاب دراسات عُليا | 118 | %30.73 | 85 | %72.03 | |
طلاب سنوات دُنيا | 177 | %46.09 | 120 | %67.80 | |
التَّدخين | |||||
غير مُدخّن | 267 | %69.53 | 190 | %71.16 | 0.0740 |
مُدخّن | 117 | %30.47 | 72 | %61.54 | |
*قيمة الدلالة P الناتجة عن اختبارات فيشر وكاي تربيع وبيرسون مع اعتماد مستوى الدلالة الاحصائية P< 0.05 |
بلغ عدد الأفراد المُصابين بمرضٍ مُزمنٍ (%18.49) وكانت غالبية هؤلاء من أصحاب الفئة العمريّة (60+). لم يُظهر الاختبار الإحصائيّ وجود فارق مُعتدٍّ به إحصائيَّاً في نسب الإيجابيَّة المصليَّة بين المرضى المُصابين بداء مُزمن ((%71.83 وغير المُصابين (%67.41) (P=0.5724). توزَّع أفراد الدِّراسة وفقاً لزمرهم الدَّمويَّة كما هو مُبيَّن في الجدول 2، حيث شكَّل أصحاب الزُمرة الدَّمويَّة A النّسبة الأكبر (%42.57) من الجمهرة المَدروسة. ونتيجة المُقارنات التي عُقدت وفقاً لإيجابيّة/سلبيّة العامل الرَّيصيّ تبيَّن وجود فارقٌ معتدٍّ به إحصائيّاً في نسب الإيجابيَّة المَصليَّة لدى أفراد الزمر الدَّمويَّة إيجابيي العامل الرَّيصيّ (%70.31) مقارنةً مع سلبيي العامل الرَّيصيّ (%51.35). أبلغ 167 فرداً من جمهرة الدّراسة %43.49)) عن تسجيل إصابةٍ سابقةٍ عرضيّة بكوفيد19-، أَظهرت نتائج الاختبار السّريع للكشف عن الأضداد نسبة إيجابيَّة عالية بلغت (%77.84)، وبفارقٍ مُعتدٍّ به إحصائيَّاً عن النِّسبة المُسجّلة (%50.84) لدى الأفراد (n=118) الذين صرَّحوا بعدم تعرّضهم لإصابةٍ سابقةٍ مُؤكدة بعدوى الفيروس من قبل (P<0.0001). تشابهت نسب الإيجابيَّة المصليَّة بين الأفراد الذين كانوا على احتكاكٍ مع شخصٍ مُصابٍ بكوفيد19- (n=271) وغير المُخالطين لأفرادٍ مُصابين بكوفيد19- (n=113)، وبَلغت نسباً قدرُها (%67.9) و(%69.02)، على التَّوالي. شكَّل المُتلقّون للقاح كوفيد19- (%48.44) من الجمهرة المَدروسة وتَوزَّعوا وفقاً لنوع اللّقاح كما هو مُبيَّن في الجدول 3. لم تُظهر الاختبارات الإحصائيَّة وجود فوارق مُعتدّاً به إحصائيَّاً في نسب الإيجابيَّة للأضداد المَصليَّة IgG وفقاً لتلقي اللّقاح من عدمه، أو نوع اللّقاح أو مصدره، أو عدد الجرعات المَأخوذة من اللّقاح على الرغم من ارتفاع نسب الإيجابيَّة مع ازدياد رقم الجرعة.
المُناقشة Discussion
سجَّلت دراستُنا نسبةً مرتفعةً (67.07%( لإيجابيَّة الأضداد المَصليَّة IgG تجاه فيرُوس SARA-CoV-2 لدى جمهرةٍ من طلبة وأعضاء الهيئة التَّدريسيَّة والطاقمين الفنيّ والإداريّ لكليّة الصّيدلة في جامعة دمشق. یُمكن تَفسیر ارتفاع نسبة الإیجابیَّة المصليَّة في الجمھرة المَدروسة بتزامن إجراء دراستنا مع تَسجیل وزارة الصِّحَّة السُّوریَّة لظھور الموجة الخامِسة لإصابات الكوفید-19، أضافةً لقلة الالتزام بالإجراءات الاحترازيَّة مثل المُحافظة على التَّباعد الاجتماعيّ، وارتداء الكمامة، وتجنُّب الأماكن المُكتظّة ورديئة التَّهوية. تَجاوزت نسبّة إيجابيّة الأضداد نسب كلٍّ مِمّن تَلقوا اللّقاح وكذلك من أفادوا بعدوى سابقة عرضيَّة مُشخَّصة بالتَّقييم الذاتي، حيث تَبيَّن أنَّ أكثر من نصف أفراد الجمهرة (%51.56) لم يَتلقَّوا لقاحاً ضد الكوفيد19-، مِمّا قد يُشير إلى أنَّ الإيجابيَّة المَصليَّة للأضداد قد نَتجت بمُعظمها عن إصاباتٍ سابقةٍ بعدوى الفيرُوس. بالمُقابل أبَلغت نسبةٌ لم تَتجاوز الـ (%43.48) فقط من أفراد الدِّراسة عن إصابةٍ سابقةٍ عرضيّةٍ بـ كوفيد19-، مِمّا يدلُّ على وجود العديد من الإصابات اللاعرضيَّة والتي ربما أسهَمت بدورها في نقل العدوى بالفيروس على نطاقٍ واسع. أظهرت دراستُنا وجود تباينٍ في نسب الإيجابيَّة المَصليَّة وفقاً للجنس لصالح الإِناث، وهذا ما تَوافَق مع دراسة Vena وزملائه (8) في إيطاليا، غير أنّها خالفت العديد من الأبحاث والتي أجريت من قبل الباحث Hoballahوزملائه في لبنان (9) والباحث Saeed وزملائه في العراق (10) والباحث Pollán وزملائه في إسبانيا (11) حيث لم تُظهر هذه الدّراسات فوارق مُعتدّاً بها إحصائيَّاً في نسب الإيجابيًّة بين الذُكور والإناث. عادةً ما تُبدي النّساء استجابةً خلطيَّةً أكبر تجاه العداوى الفيروسيَّة واللّقاحات، ويُعزى ذلك لدور الهرمونات الجنسيَّة الأنثوية (الإستروجين) في تعزيز رد الفعل المناعيّ ،(12) إضافةً لوجود العديد من الجينات المُنظِّمة للمناعة المَحمولة على الصّبغي الجنسيّ X،(13) ويُمكن لهذا أن يُفسّر مُشاهداتنا بوجود اختلافات في إنتاج أضداد IgG بين الجنسين لصالح استجابةٍ خلطيّةٍ أعلى لدى الإناث.
الجدول (2): توزّع إيجابيّة الأضداد المصليّة وفقاً للإصابة بمرض مُزمن وزمرهم الدّمويّة | |||||
المُتغيّر | العدد الكُليّ (n=384) | إيجابيَّة أضداد IgG المصليَّة
(n= 275) |
*P value | ||
العدد | النّسبة المئويَّة | العدد | النّسبة المئويَّة | ||
مرض مُزمن | |||||
نعم | 71 | %18.49 | 51 | %71.83 | 0.5724
|
لا | 313 | %81.51 | 211 | %67.41 | |
الزُمرة الدَّمويَّة | |||||
A | 152 | %42.57 | 100 | %65.78 | 0.3661 |
B | 51 | %14.28 | 39 | %76.47 | |
AB | 30 | %8.40 | 18 | %60 | |
O | 124 | %34.73 | 87 | %70.16 | |
العامل الرَّيصيّ | |||||
إيجابي | 320 | %89.63 | 225 | %70.31 | 0.0246 |
سلبي | 37 | %10.37 | 19 | %51.35 | |
*قيمة الدلالة P الناتجة عن اختبارات فيشر وكاي تربيع مع اعتماد مستوى الدلالة الاحصائية P< 0.05 |
الجدول (3). توزع إيجابيّة الأضداد المَصليّة وفقاً للتاريخ المرضي للإصابة بكوفيد19- وتلقي اللّقاح | |||||
المُتغيّر | العدد الكُليّ (n=384) | إيجابيَّة أضداد IgG المصليَّة
(n= 275) |
* P value | ||
العدد | النّسبة المئويَّة | العدد | النّسبة المئويَّة | ||
إصابة عرضيّة سابقة بالكوفيد19- | |||||
نعم | 167 | %43.49 | 130 | %77.84 | <0.0001 |
لا | 118 | %30.73 | 60 | %50.84 | |
لا أعلم | 99 | %25.78 | 72 | %72.72 | |
احتكاك سابق مع شخص مُصاب | |||||
نعم | 271 | %70.57 | 184 | %67.90 | 0.9044 |
لا | 113 | %29.43 | 78 | %69.02 | |
تلقي لقاح كوفيد19- | |||||
لا | 198 | %51.56 | 140 | %70.70 | 0.3238 |
نعم | 186 | %48.44 | 122 | %65.59 | |
جرعة واحدة | 67 | %17.45 | 40 | %59.70 | 0.2417
|
جرعتين | 107 | %27.86 | 72 | %67.29 | |
ثلاث جرعات | 12 | %3.13 | 10 | %83.33 | |
نوع اللّقاح | |||||
AstraZeneca | 61 | %32.97 | 39 | %63.93 | 0.4916 |
Sputnik V | 56 | %30.27 | 37 | %66.07 | |
Sputnik Light | 28 | %15.13 | 15 | %53.57 | |
Pfizer | 13 | %7.03 | 8 | %61.53 | |
Sinopharm | 12 | %6.49 | 10 | %83.33 | |
Sinovac | 9 | %4.87 | 7 | %77.77 | |
Janssen | 4 | %2.16 | 3 | %75 | |
Moderna | 2 | %1.08 | 2 | %100 | |
*قيمة الدلالة P الناتجة عن اختبارات فيشر وكاي تربيع مع اعتماد مستوى الدلالة الاحصائية P< 0.05 |
سُجِّلت نسب الإيجابيَّة الأعلى لدى الفِئات العُمريَّة الصُّغرى (30> سنة)، دون تَسجيل فوارق ذات دلالةٍ إحصائيَّةٍ في نسب الإيجابيَّة بين الفئات العمريَّة، وهذا ما تَوافق مع دراسة الباحث Hoballah وزملائه والتي تمَّت بالاستعانة باختبارات نقطة الرّعاية للكَشف السَّريع عن الأضداد لدى جَمهرة من السكان (9)، وخَالف دراسةً سابقةً للباحث Saeed وزملائه أَظهرت نتائجها زيادةً في نسب الإيجابيَّة مع التَّقدُّم بالعمر، والتي أُعتمد فيها على مُقَايَسة المُمتَزِّ المَناعِيِّ المُرتَبِطِ بالإِنزِيم Enzyme-linked immunosorbent assay كطريقةٍ كَميّةٍ لمُعايرة الأضداد المَصليَّة تجاه فيروس SARS-CoV-2 لدى أفراد الدِّراسة. (10) يُمكن لاختلاف الطَّريقة المُستخدمة للكشف عن الأضداد المَصليّة أن تُفسّر تباين النَّتائج وتناقضها بين الدِّراسات السّابقة. أبدى المدخّنون نسبةً إيجابيّةٍ مَصليّةٍ أخفض مُقارنةً بغير المُدخّنين، لكن بفارقٍ غير مُعتدٍّ به إحصائيَّاً. اقترح عددٌ من الدّراسات وجود علاقة ارتباطٍ عكسيٍّ بين التَّدخين من جهة وإيجابيَّة الأضداد المَصليَّة تجاه فيروس SARS-CoV-2 من جهةٍ أخرى (15,14)، والتي يُمكن تَفسيرها بالخَصائص المُضادّة للالتهاب التي يَمتلكُها النّيكوتين في تبغ السَّجائر والتي تُثبّط بدروها المَناعة الخَلطيَّة وتُعيق تشكُّل الأجسام المُضادة.(16) إضافةً لآليات أخرى طَرحها عددٌ من الأبحاث مثل تأثير التَّدخين المُباشر في استجابة الخلايا التَّائيَّة T cells والتَّغصُّنيَّة dendritic-cell، وتأثيرها في تكوين خلايا الذَّاكِرة memory cells الضَّروريَّة للحفاظ على الاستِجَابة المَناعيَّة الخلطيَّة التي تُحدثها اللّقاحات أو التَّعرُّض للإصابة بالفيروس. إضافةً إلى ارتباط التَّدخين بزيادة تِعداد البلاعمmacrophages والوحيدات monocyte، مِمّا قد يُؤثر على إزالة الأجَسام المُضادة الجائلة في الدَّروان، والتي يَبلغ مُتوسط عمر النُّصف لها 3-4 أسابيع (18,17). صرَّحت نسبةٌ لا تتجاوز الـ (%18.49) فقط من أفراد الجمهرة عن وجود مرضٍ مُزمنٍ وكانت غالبيّة هؤلاء (73%) من الفئات العمريّة التي تَتجاوز الـ 50 عاماً والتي تَشمل أعضاء الهيئة التَّدريسيّة والكوادر الفَنيّة، في حين أنَّ غالبيَّة أفراد الدِّراسة (%79.43) كانوا من الطّلبة الذين لم تَتجاوز أعمارُهم الـ 40 عاماً. غير أنّ دراستنا لم تَكشف عن وجود علاقة ارتباط بين الإصابة بمرضٍ مُزمنٍ وإيجابيَّة الأضداد المَصليَّة، وذلك على النّقيض مِمّا جاءت به دراسة قام بها الباحث Rayyan لتقييم الانتشار المَصليّ لأضداد IgG لدى جَمهرةٍ من الأردنيين (n= 412) في الثُلث الأخير من عام 2021، حيث سَجَّل أفرادها المُصابون بمرضٍ مُزمنٍ نسبةً أعلى للإيجابيَّة المَصليَّة وبفارقٍ مُعتدٍّ به إحصائيَّاً، وخاصة لدى مَرضى ارتفاع الضَّغط الشَّريانيّ وداء السُّكّريّ.(19) يمكن تفسير التباين في نتائج الدراسات باختلاف الخصائص الديموغرافية لجمهرة الدراسة مثل توزع الأفراد وفقاً للجنس، ومتوسط العمر، والتدخين. أوضح العديدُ من الدِّراسات وجود علاقةٍ بين الزُّمر الدَّمويَّة وإيجابيَّة الأضداد المَصليَّة لفيروس SARS-CoV-2، حيث أبدى أصحاب الزُّمرتين الدّمويّتين O وA نسباً أعلى من الإيجابيَّة المَصليّة لأضداد IgG بالمُقارنة مع الزمر الأخرى في الدِّراسة التي أجراها الباحث Vena وزملاؤُه (8) في إيطاليا على مجموعةٍ من الأفراد المُتبرّعين بالدم. كما بيّن Sughayer وزملاؤه (20) نسبة إيجابيّة أعلى للأضداد المصليَّة IgG لدى أفراد الفصيلة الدَّمويّة O في دراستهم التي تمّت على جمهرة من الأصحاء في الأردن. على النقيض بيّنت دراستُنا انتشاراً مُرتَفعاً(%76.47) لإيجابيَّة الأضداد IgG لدى أفراد الزُّمرة الدَّمويَّة B، لكن دون تسجيل فارقٍ مُعتدٍّ به إحصائيَّاً عن النسب المُسجَّلة لدى أفراد الزُّمر الأخرى. وهذا ما توافق مع دراسة الباحث Rayyan (19)، والتي سجَّل أفرادها من أصحاب الزُّمرة الدَّمويَّة B نسبة مُرتفعة للإيجابيَّة، وبفارقٍ مُعتدٍّ به إحصائيَّاً عن نسب الانتشار لدى أصحاب الزُّمر الأخرى. أما فيما يتعلَّق بالعامل الرَّيصيّ، فقد أسفَرت نتائج دراستنا عن وجود علاقة ارتباط بين إيجابيَّة العامل الرَّيصيّ والأضداد المَصليَّة لفيروس SARS-CoV-2، على عكس ما جاءت به العديد من الدِّراسات المَسحيَّة التي أُجريت في مراكز التَّبرُّع بالدَّم بغرض الكَشف عن وجود الأضداد المَصليَّة لفيروس SARS-CoV-2 لدى المُتبرّعين والتي لم تجد أيّ علاقة ارتباط بين إيجابيّة/سلبيّة العامل الرَّيصيّ وإيجابيّة الأضداد (22,21). لم يبدِ تلقّي اللّقاح أو نوعه تَأثيراً في إيجابيّة الأضداد المَصليّة لدى جمهرتنا، وهذا ما تَوافق مع نتيجة الدِّراسة التي قام بها الباحث Rayyan (19)، والتي أجريت فيها المُقارنة بين نسب الإيجابيّة المُسجّلة لدى المُلقحين وغير المُلقحين إضافةً للنسب التي حقّقتها ثلاثة أنواعٍ مختلفة من اللّقاحات ضد فيروس Pfizer SARS-CoV-2 و Sinopharm وAstraZeneca.
الاستِنتَاجات Conclusions
بيّنت دراستنا إلى أنَّ أكثر من ثلثي أفراد الجَمهرة المَدروسة من طلبةٍ وكوادر تَدريسيّة وإداريَّةٍ وفنيَّة في كليّة الصّيدلة بجامعة دمشق كانوا إيجابيّي الأضداد المَصليَّة IgG تجاه فيروس كورونا المُستَجدّ SARS-CoV-2 خلال فترة إجراء الدِّراسة التي تَزامنت مع موجة انتشار العدوى بالمُتحوّر أوميكرون، الأمر الذي يَدلُّ على تَطوّر مناعةٍ مُجتمعيّة لدى هذه العيّنة من المُجتمع السُّوري بعد الموجات المُتلاحقة للعداوى بالمُتحوّرات الفيروسيّة. تّعدُّ نسبة تلقي اللّقاح في الجمهرة المَدروسة والبالغة (%48.44) أعلى من النّسبة المُسجَّلة في المُجتمع السُّوري والتي لم تَتجاوز 12.7)%( وفقاً للتقرير الشَّهري الصّادر عن مُنظمة الصِّحَّة العالميَّة لشهر نيسان 2022، وقد يَعود ذلك إلى كون المُشاركين في الدِّراسة على دَرجةٍ أَعلى من الوعي الصحّي بأهميّة اللقاح. بيّنت نتائج الاختبارات الإحصائيَّة وجود علاقة ارتباطٍ إيجابيٍّ بين الإيجابيَّة المَصليَّة لأضداد فيروس SARS-CoV-2 وكلٍّ من الجنس (الإناث)؛ والأفراد المُعلنين عن إصابةٍ سابقةٍ عرضيّةٍ بكوفيد19، وإيجابيَّة العامل الرَّيصيّ.
المراجع :