خلفيّة البحث وهدفه: تعدّ التّكرارات التّرادفيّة القصيرة الواصمات الوراثيّة الأهم في فحوص الاستعراف لما تتمتع به من قوّة تمييز عالية, ولقد درست العديد من الآليات الّتي تتسبب بإحداث أذيات للحمض النووي والنّاتجة عن العديد من المواد السّامة جينياً مثل الأشعّة المؤيّنة (ألفا – بيتا -غاما), والّتي قد تؤثّر على مواقع STR وبالتّالي على الاستعراف وخاصّة في الأماكن الّتي تعرضت للتفجيرات واستخدام المواد المشعّة. هدف البحث إلى دراسة تأثير أشعّة غاما على مواقع STR من عينات DNA مستخلصة من أسنان بشريّة (أضراس) معرّضة لجرعات إشعاعيّة متزايدة 250-350-450 كيلو غراي بهدف تحري أهميتها كعينات شرعيّة في الاستعراف في تلك الظّروف.
المواد والطّرائق: تم العمل على عينات أسنان سليمة أخذت من أشخاص قاموا بقلع أضراسهم لسبب غير مرضيّ مثل أغراض التّقويم (للمحافظة على لبّ السّنّ الّذي يحتوي أكبر كمية من الدّنا(. تم استخلاص الدّنا باستعمال طقم كواشف لعزل الدّنا من السّنّ لشركة كياجين, تلاها تضخيم عينات الدّنا بواسطة تفاعل البوليميراز التسلسلي PCRباستعمال عتيدة من نفس الشّركة, ليتم ترحيلها بعد ذلك على جهاز الرحلان الكهربائي الشعري, وباستخدام برنامج تحليليّ لقراءة نتائج التّرحيل تمّ تحليل النّتائج الّتي حصلنا عليها.
النتائج: عند الجرعة الإشعاعيّة 250 kGy لم نلاحظ اختفاء لأيّ من مواقع STR المدروسة على مخطط الرّحلان الكهربائيّ الشّعريّ على الرّغم من انخفاض ذرا قممها نتيجة لتدرك بعض جزيئات الدّنا بتأثير الإشعاع المؤيّن, وبدءاً من الجرعة الإشعاعيّة 350 kGy تعذّر تضخيم المواقع الوراثية كبيرة الوزن الجزيئيّD2S1338-D21S11-Vwa) D19S433 D2S1338-FGA-D8S1179) لدى بعض العينات نتيجة تدركها بالإشعاع المؤيّن.
الاستنتاجات: تعد الأسنان عينات شرعيّة هامّة يمكن الّلجوء لها عند الاستعراف على ضحايا الحروب والكوارث نتيجة تعذّر الاستعراف من العينات الأخرى بسبب تدركها, وذلك لقدرة الأسنان على الحفاظ على الدّنا من تأثير العوامل المحيطة لفترات أطول مقارنة بالعينات الّتي نحصل عليها من مصادر أخرى من الجسم, حيث بقيت البصمة الوراثيّة من الأسنان كاملة وذات مصداقيّة حتى درجة إشعاع 250kGy .
المقدمة
تشكل منظومة التّسلسلات التّرادفية القصيرة حوالي 3% من الجينوم البشريّ[1]، وتعرف بأنّها تسلسلات قصيرة من الدّنا تتكرر بشكل ترادفيّ عدة مرات داخل الجينوم, ويختلف عدد هذه التّكرارات بين الأفراد ويعتبر سمة مميّزة للفرد, فهي تتمتع بتعدديّة شكليّة كبيرة تسمح باستعمالها بفعالية في فحوص الاستعراف[2], وتتوضع هذه التّسلسلات على أماكن محددة من الصّبغي في المناطق غير المرمزة للجينوم البشريّ, حيث تتوضع أغلب مواقع STR حول المريكز من الصّبغيّ centromere, ويرث الفرد نسخة واحدة من كل والد[3], كما يمكن تضخيمها بسهولة بواسطة PCR حيث تسمح أطوالها القصيرة نسبياً بتضخيمها بشكل فعال, كما أن أوزانها الجزيئيّة الصّغيرة تسمح باستعمالها مع عينات الدّنا المتدرّكة لذا تعد أفضل الواصمات والمرشّح المفضّل لتطبيقات الطّبّ الشّرعيّ لأنّ الأدلة البيولوجية غالباً ما تحتوي على دنا متدرك.[4] تتكون هذه التّسلسلات من 2- 6 نوكليوتيدات تتكرر بأعداد تختلف من شخص لآخر وهذا ما أعطاها أهمية كبيرة في التّمييز بين الأشخاص[5], فغدت STR الواصمات الوراثية الأوليّة والتّقنية الرّئيسية الّتي استخدمت في فحوص التّعرف البشريّة في الطّبّ الشّرعيّ والتّحقيقات الجنائيّة لتحديد هوية الضّحايا في حوادث القتل الجماعيّ والحروب, لأنّ البيانات الّتي تعطيها ذات موثوقية كبيرة وتسمح بقوّة تمييز عالية بين الأفراد ممّا يوفّر أدلة قاطعة في التّحقيق[6-7-8]. وبات التّحليل الجينيّ باستعمال الـ STR مستخدماً على نطاق واسع في مجال العدالة الجنائية حيث يستعمل في: تحديد هوية المتهم وتأكيد إدانته- تبرئة الأبرياء- تحديد هوية الضّحايا في الكوراث- إثبات صلة القرابة وخاصة في الحالات المعقّدة (فحوص الأبوة أو الأمومة لإثبات حضانة الطّفل).[9] تتوزّع شدف STR بشكل واسع في الجينوم البشري وتضم ما يقرب من ربع مليون موقع في الجينوم البشريّ[10], أدّت هذه الوفرة الواسعة لشدف الـ STR في الجينوم البشريّ لوجود خيارات كثيرة من مواقع الـSTR, ولكن وعلى الرغم من أنّ الجينوم البشريّ يحتوي الآلاف والآلاف من مواقع الـSTR إلّا أنّه لم يتم اختيار سوى مجموعة صغيرة من هذه المواقع من أجل فحوص الاستعراف وتحديد الهويّة الشّخصيّة, وأكثر هذه المواقع فائدة من أجل التّحليل الجنائيّ تلك المواقع الّتي تتكون من أربع وحدات تكراريّة وذلك لأنّ نسبة ظهور الـ stutters النّاتجة عن انزلاق الأنزيم أثناء تفاعل التّضخيم معها منخفضة, إضافة إلى أن التّكرارات رباعية النكليوتيد شائعة في الجينوم البشريّ[11-12], وإنّ عدد المواقع الوراثيّة المستخدمة في سورية (في مخابر البحث الجنائيّ ومشفى تشرين العسكريّ) لتحديد الهويّة الشّخصيّة هي 16 موقعا وراثيّاً (15 موقعاً وراثيّاً على الصّبغيات الجسميّة و الأميلوجينين لتحديد الجنس) الجدول (2), وهذه المواقع معتمدة من قبل ISFG ( لجنة الحمض النّوويّ التّابعة للجمعيّة الدوليّة لعلم الوراثة الشّرعيّ) وتقوم شركات عالميّة لها اعتمادية وسجلات تجاريّة بدراسات على كامل فئات الشّعوب ومنه تمّ أخذ هذه العتائد وتطبيقها في سورية كما أنّه لدينا دراسات قليلة عن التّنوعيّة الّتي تحقّقها مواقع STR هذه على السّكان السّوريين.[13] هناك الكثير من العوامل الّتي قد تسبب تدرّك الدّنا وبالتالي قد تتسبب في غياب بعض مواقع STR مثل الجراثيم والهيدروكربونات العطريّة والأشعّة فوق البنفسجية، وما ينجم عن الانفجارات من حرارة عالية أو إشعاعات مختلفة وخاصّة الأشعّة المؤيّنة مثل أشعّة غاما. [14-15] ولقد درسنا في هذا البحث تأثير أشعّة غاما بجرعات إشعاعيّة متزايدة (0-025-350-450) كيلو غراي على مواقع STR باستعمال عينات الأسنان (الأضراس). فأشعّة غاما هي أشعّة كهرطيسيّة عالية الطّاقة، تصدر عن نواة الذّرّة، وبإمكانها الانتقال في الهواء لمسافات بعيدة أبعد من جسيمات ألفا، وجسيمات بيتا مما يزيد من خطورتها, وتتوقّف أشعّة غاما بواسطة طبقة ثخينة من المواد أو طبقة من الموادّ ذات الوزن الذرّيّ العالي مثل الرّصاص وهو الشّكل الأكثر فعالية للحماية من أشعّة غاما.[16-17] وتسبب أشعّة غاما العديد من الأذيات في جزيئة الدّنا, ويكون ثلثا هذه الأذيات هي أذيات مباشرة وثلثها أذيات غير مباشرة. تنتج الأذيات المباشرة من تفاعل الأشعّة المؤيّنة بشكل مباشر مع البنية الهدفيّة مسبّبة التأيّن, مما يؤدّي للعديد من الأفعال مثل : كسور الطّاق المفرد SSBs) Single Strand Breakers) النّاتجة عن كسر الرّوابط الفوسفو ثنائية الأستر[18] وكسور الطّاق المضاعف (DSB) Double Strand Breakers النّاتجة عن الترسبات الإشعاعيّة الّتي تحدثها أثناء مرورها[19] وتعد هذه الكسور هي الأذيات الأخطر لأنها تؤثر على السّلامة الجينيّة[20-21], والأذيات العنقوديّة Clustered DNA Lesions الّتي تعدّ العلامة المميّزة للأشعّة المؤيّنّة والشّكل الأكثر شيوعاً من بين أذيات الـDNA المُسَبَبة بالإشعاع المؤيّن وتعرّف على أنها أذيتان أو أكثر داخل دورة حلزونية واحدة أو اثنتين من الدّنا فهي ترتيبات معقّدة من SSBs و DSBs. وتعد الأذيات العنقودية هي الأذيات الأكثر خطورة لأنها أذيات معّقدة كيميائياً وبنيوياً, حيث أنّها تسبب انكسار في العمود الفقري الفوسفو ثنائي الأستر لكلا طاقيّ الـDNA [16,22,23], أما الأذيات غير المباشرة تنتج عن الجذور الحرّة free radicals ذات الفعاليّة العالية الّتي تتسبّب بتفاعلات كيماوية ضارّة للخلايا.[18-24]
أهم العينات المستعملة لتحديد مواقع STR من ضحايا الكوراث:
تعد عينات الهيكل العظميّ (العظام والأسنان) هي العينات المثلى المستعملة لتحديد مواقع STR في قضايا الطّبّ الشّرعيّ وغالباً ما تكون الدّليل الوحيد الّذي يقود إلى هوية الأشخاص المجهولين[25], حيث تحافظ الأسنان والعظام على الدّنا من التدرك لفترات طويلة من الزّمن أطول بكثير من الأنسجة الرّخوة وذلك يعود لبنية العظام والأسنان الحامية للدنا من التدرك [26], فالبنية العظميّة المعدنيّة المدمجة المتماسكة تحافظ على ثباتية الـDNA في الخلايا العظميّة, وبالتالي يكون الدّنا العظميّ أقل تدركاً ويحافظ على بنيته دون تخرب قدر الإمكان مقارنةً ببقية الأنسجة, فتشكل عناصر الهيكل العظميّ خزانات حامية للحمض النّووي, حيث يرتبط الحمض النّوويّ كيميائيّاً بالأساس المعدني (هيدروكسي أبتايت) لهذه العناصر العظميّة وخاصة بعد الوفاة وهذا مايعطيه ثباتاً كيميائيّاً و يحميه من التّدرك, لذا يبقى الدّنا سليماً لفترات طويلة بعد الوفاة ولكن هذا يجعل استخلاص الدّنا من العظم أمراً بغاية الصعوبة. [26-27-28] إضافة إلى أنً الأسنان تكون محمية عن طرق اللّثة الدّاعمة (العظام السّنّخيّة وأنسجة اللّثة والرّباط اللّثوي والملاط).[29] ويستعمل عادة للحصول على ملفات تنميط الدّنا من الأسنان إمّا لبّ السّنّ والّذي هو أغنى مصدر للدنا في السّن ّ[30] ويكون محميّاّ جيداً بالميناء الّذي يعدّ أقوى عنصر في الهيكل العظميّ للإنسان[31], وتعتبر الأضراس هي الأفضل على وجه الخصوص لأنها تمتلك أكبر حجم لبّ ومساحة سطحها واسعة.[30]أو الملاط وهو من أهمّ وأفضل أجزاء السّنّ لأنّه مغروس في الأنسجة اللّثويّة ممّا يؤمن حماية كبيرة للدّنا.[32] وبما أنّ عينات الهيكل العظميّ هي العيّنات الهيكليّة البيولوجيّة الوحيدة المتبقّية في الحروب والكوارث خاصة بعد التّعرض للظّروف البيئيّة، والحرارة والإشعاعات الشّديدة، أوفي الحالات الّتي يمرّ فيها قدر كبير من الوقت منذ وفاة , لذا تمّ اللّجوء إلى استعمال العيّنات العظميّة لأنّ العوامل المدرّكة كالحرارة والإشعاعات تسبّب تدرّك الدّنا في الأنسجة الرّخوة ويبقى الدّنا محفوظاً في العظام بسبب بنية العظم المعدنيّة المتماسكة الّتي تحمي الدّنا , وخاصة الأسنان الّتي تكون محمية عن طرق اللثة الدّاعمة, وبالتّالي تكون هي الدّليل الوحيد إلى هويّة الأشخاص المجهولين.[25-26-33] وانطلاقاً من تأثير أشعّة غاما على المواقع الوراثيّة من الدّنا المستخلص من العظم كان هناك اختفاء واضح للمواقع الوراثية كبيرة الوزن الجزيئيّ من ملف التنميط في الجرعة الإشعاعيّة 250 كيلو غراي (قيد النشر) [34], كما بينت دراسة تمت في استراليا حول دراسة تأثير أشعّة غاما على العظم أن المواقع الوراثية كبيرة الوزن الجزيئيّ بدأت بالاختفاء بدءاً من الدرجة الإشعاعيّة 150 كيلو غراي[35], لذا بدأنا في هذا البحث من الجرعة الإشعاعيّة 250 كيلو غراي لدراسة تأثيرها على الدّنا المستخلص من الأسنان المعرضة للإشعاع (علماً أننا عرضنا بدايةً عينتين من الأسنان للدرجة 150 كيلو غراي وحصلنا على ملف تنميط كامل).
المواد والطرائق
تم العمل على عينات أسنان سليمة أخذت من أشخاص قاموا بقلع أضراسهم لسبب غير مرضيّ مثل أغراض التّقويم وذلك للمحافظة على لبّ السّنّ لأنّ لبّ السّنّ يحتوي أكبر كمية من الدّنا وتم استبعاد أي عينة فيها تسوس أو أذية نخريّة قد تُسبّب تلف في الدّنا, وذلك لضمان دراسة تأثير أشعّة غاما فقط على مواقع STR.
مجموعات الدراسة
اشتملت دراستنا على 20 ضرساً أخذت من 20 شخصاً وتم تقسيم العينات إلى المجموعّات التّالية:
المجموعة الأولى: المجموعة الشّاهدة (مجموعة عدم التّعرض ) شملت 3 أضراس.
المجموعة الثّانية : مجموعة التّعرض لدرجة الأشعّة 250 كيلو غراي شملت 6 أضراس.
المجموعة الثّالثة : مجموعة التّعرض لدرجة الأشعّة 350 كيلو غراي شملت 6 أضراس.
المجموعة الرابعة : مجموعة التّعرض لدرجة الأشعّة 450 كيلو غراي شملت 5 أضراس.
جمع العينات وحفظها
تحضير العينات العظميّة
بداية تمّ تنظيف عينات الأسنان باستئصال بقايا الأنسجة الرّخوة من السّنّ باستعمال مشرط وملقط معقم وتنظيف السّطح الخارجيّ للسّنّ من الملوثات, ثمّ نُقعت عينات الأسنان في الماء المقطر لمدة ساعتين لضمان نظافتها ويمكن إعادة هذه الخطوة من 2–3 مرات حسب نظافة السّنّ, ثمّ تركت العينات لتجف في درجة حرارة الغرفة ليلة كاملة وأُرسلت بعد ذلك للتّشعيع.
التّشعيع
تمّ تشعيع العينات بأشعّة غاما باستعمال منابع الكوبالت 60 في مخابر هيئة الطّاقة الذّريّة في دوير الحجر, ضُبط منبع التّشعيع على جرعة 12 كيلو غراي في السّاعة على بعد 10 سم من منبع الكوبالت 60 ذو النّشاط الإشعاعيّ 100 كيلو كوري. لم تترافق عملية التّشعيع بأي ارتفاع لدرجات الحرارة حيث تمّ التّشعيع في درجة حرارة الغرفة العاديّة, وذلك لنفي تأثير الحرارة ودراسة تأثير الأشعّة كعامل مستقل على المواقع الوراثيّة, وكان التّجانس جيد جدّاً لأنّ المنبع أكبر بكثير من العينة ويتم تدوير العينة 180 درجة كل نصف ساعة.
طحن عينات الأسنان
تم استخدام مبارد وملزمة بعد تعقيم جميع الأدوات بالكحول وحرقها (لفها بالقطن المبلل بالكحول وحرقها) لضمان تجنب التلوث وتم استعمال الكمامة والكفوف في جميع خطوات الطّحن. تم بداية قطع التّاج والمحافظة على الملاط وجسم السّنّ الحاوي على اللّبّ, ثم تم تثبيت السّنّ بين فكيّ الملزمة وتم وضع قطع ورق نظيفة أسفل الملزمة وتم برد السّنّ باستعمال المبارد والحصول على البودرة. كانت المبارد من النّوع الممتاز الّتي لا تسبب تآكل للمعدن عند الاستعمال ولم يتم البرد بشكل مستمر بل بشكل متقطع تجنباً لارتفاع الحرارة أثناء احتكاك المبرد بالسّنّ علما أنّه تم وضع المبارد في الثّلاجة قبل ليلة من الطّحن. تم استخلاص الدّنا وتحديد البصمة الوراثية في مخابر هيئة الطاقة الذرية قسم الطّبّ الإشعاعيّ.
استخلاص الدّنا من عينات الأسنان (الأضراس)
تم استخلاص الدّنا من الأسنان بعد طحنها ووزنها في دارئة لحل الأنسجة والبروتياز K وحضنها في درجة الحرارة 56 درجة سيلزيوس على مدوار حراري لمدة ليلة كاملة (يوم كامل 24 ساعة). ثم اُستخلِص الدّنا من العينات باستعمال طقم كواشف لعزل الدّنا من السّنّ لشركة كياجين ( Investigator QIA ampDNA) وتم تنفيذ خطوات الاستخلاص تبعاً لتعليمات الشّركة المصنعة.
قياس كمية الدّنا
تم قياس تركيز الدّنا القابل للتضخيم باستخدام دنا جينومي بشريّ معروف التّركيز بتحضير سلسلة تمديدات منه ( 1\10- 1\5-1\20), حيث تم تضخيم الإكسون 2 من مورثة k-ras بتفاعل PCR Real time- بوجود مشارع نوعية ومسبر خاص بمورثة k-ras لمراقبة سير الّتفاعل بالفلورة (باستعمال طقم كواشف لشركة Diatech الإيطالية), حيث تتناسب قيمة الفلورة طرداً مع كمية الدّنا القابلة للتضخيم, بعد ذلك يقوم الجهاز بتقدير كمية الدّنا البدئيّ للعينات الهدف برسم خطّ بياني لقيم دورات العتبة لكل عياري مقابل لوغاريتم الكمية الابتدائيّة لكلّ عياري, ومن ثم يتم مقارنة قيم دورات العتبة للعينات المضخمة الهدف مجهولة التّركيز بالمنحني العياريّ ليتم تحديد كميتها, وكانت الكميات تقريباً 1-3 نانو غرام/ميكروليتر.
التّضخيم
تم تضخيم الحمض النووي المستخلص من الأسنان باستعمال تفاعل البوليميراز التسلسلي PCR, باستعمال جهاز تفاعل البوليميراز التّسلسليّ master cycler pro لشركة (eppendrof Germany,2015) وطقم كواشف لشركة كيا جين Investigator IDplex plus Kit) لشركة QIAgen-Germany). فلقد سمحت تقنية PCR Multiplexe بتضخيم جميع مواقع الـ STR بتفاعل واحد مما وفر الجهد والوقت لتنميط الدّنا , حيث يتم إضافة مجموعة من المشارع (البادئات) primers المرتبطة مع مزيج من الصّبغات الفلوريسينيّة الملوّنة (multi plex color florescent tags) إلى مزيج التفاعل, وخلال تفاعل التّضخيم سترتبط هذه المشارع الموسومة بهذه الصّبغات الفلوريسينيّة الملوّنة مع المواقعSTR المراد تضخيمها بحيث تظهر كل مجموعة من المواقع بلون محدد. وتم تضخيم مواقع الـ STR باستعمال طقم كواشف كياجين المتوفر تجارياً والّذي يسمح بتضخيم 16 موقعاً وراثياً معاً (15 موقعاً وراثياً جسدياً والأميلوجينين لتحديد الجنس).ونُفّذت خطوات التّضخيم تبعاً لتعليمات الشّركة المصنعة بتحضير خليط عياري بحيث يكون حجم تفاعل الـ PCR هو 25 ميكروليتر لكل أنبوب ((7.5 ميكروليتر منFast reaction mix , و2.5 منPrimer mix ID plex plus مع 1 ميكروليتر من الدّنا (2 نانوغرام) (أغلب العينات تراكيزها بين 2-3 نانوغرام \ميكروليتر فكنا نأخذ 1 ميكروليتر من المستخلص وفي حال كانت التراكيز تزيد عن ذلك نمدد العينة ليصبح تركيزها 2 نانوغرام لأن العتيدة تنصح بتراكيز تتراوح بين 0.2 -2 نانوغرام, ثم نأخذ 1 ميكروليتر من المحلول الممدد الحاوي على الدّنا بتركيز 2 نانوغرام \1 ميكروليتر), ويستكمل الحجم بالماء الخالي من النيوكلياز لنحصل على مزيج نهائي بحجم 25 ميكروليتر)), إنّ هذا الخليط يخفف من أخطاء سحب الكواشف ويحقق أكبر قدر من توحيد العمل, ويمكن لهذا المزيج أن يبقى ثابتاً لمدّة 6 أشهر على الأقل في درجة الحرارة (-20). وتم تمرير شاهد إيجابيّ control DNAوشاهد سلبيّ استعيض فيه بالماء خالي النيوكلياز بدلاً من الدّنا . ونُفّذت خطوات الـPCR باستعمال المداور الحراريّ بعد ضبط البرنامج الحراريّ له الموضح في الجدول (1).
الجدول (1): البرنامج الحراريّ للتّضخيم بـ PCR | |||
عدد الدورات number of cycle | الوقت time | الحرارة temperature | |
– | 5min | 95°c | |
30cycles | 10s | 96°c | |
120s | 61°c | ||
– | ∞ | 10°c |
يتم حفظ منتجات التّضخيم في الدرجة -20 درجة سيلزيوس بعيداً عن الضوء في حال عدم الاستعمال المباشر لها.
الرّحلان الكهرائيّ الشّعريّ CE:Cappilary electrophoresis
تم تحليل العينات في مخابر هيئة الطّاقة الذّريّة باستعمال المحلل الجيني genetic analyzer 310 لشركة ABI applied) biosystem USA,2009) الّذي يعتمد على تقنية الرّحلان الكهربائيّ الشّعريّ وهي من أفضل الطّرق لتحديد شدف الدّنا المتولدة خلال تفاعل PCR والموسومة بالصّبغات الفلوروسينيّة, حيث يقوم الجهاز بفصل الشّدف تبعاً للوزن الجزيئيّ .
مراحل تمرير العينات على المحلّل الجينيّ
تم إضافة 1 مكروليتر من كل منتج تفاعل تضخيم إلى 12 ميكروليتر من الفورماميد منزوع الشّوارد deionized formamed وتم إضافة 0.5 ميكروليتر من معياريّ الحجم الدّاخليّ BTO (QIA gen- Germany) لكل أنبوب. فبعد ترحيل منتج PCR ضمن أقنية شعرية دقيقة ضمن جهاز المحلل الجيني تفصل الأليلات تبعاً لوزنها الجزيئيّ الّذي يتم تحديده من خلال استعمال معياري الحجم الداخلي (BTO), والّذي هو أحد الكواشف المتخصصة الّتي يتم خلطها مع نواتج التّضخيم قبيل الحقن في جهاز الرحلان الكهربائي الشعري. ويكون معلماً بصبغة تختلف لونها عن لون الصبغات الملونة للمواقع الوراثية (في بحثنا لون الصبغة الخاصة بمعياري الحجم الداخلي هي البرتقالي) والهدف منه تحديد الوزن الجزيئيّ للمواقع الوراثية من خلال مقارنة القمم الموجودة فيه مع قمم المواقع الوراثية للعينة المحللة. وبعد ذلك يتم معالجتها ببرنامج تحليل حاسوبي خاص يقوم بمقارنة قمم العينة المحللة مع قمم Allelic Ladder وذلك لمعرفة عدد التكرارات الأليلية. وتظهر النّتائج على شكل قمم بأربع ألوان تبعاً للون الصّبغة الفلوروسينيّة الّتي تم إضافتها للمشارع أثناء تفاعل التّضخيم بالـ PCR حيث ترتبط هذه الصّبغات مع الشّدف المتضخمة, وبالتّالي فكل شدفة سليمة سيتم تضخيمها سترتبط مع المشارع المرتبطة بهذه الصّبغات, وأثناء الرّحلان الكهربائيّ يتمّ تحريض هذه الصّبغات بواسطة ضوء اللّيزر فيسبّب فلورتها وتظهر على الحاسوب على شكل قمّة وكلّما كان عدد الشّدف السّليمة المتضخمة المرتبطة بالصّبغة الفوروسينيّة أكبر تكون نسبة الفلورة أعلى وبالتالي تكون ارتفاع ذروة القمّة أكبر. ويظهر الجدول(2) أسماء المواقع وألوان وأسماء الصّبغات الفلوروسينيّة الّتي استعملت في تلوين المواقع الوراثيّة. تمت جميع خطوات العمل في مخابر هيئة الطّاقة الذّريّة – قسم الطّبّ الإشعاعيّ في سوريا.
الجدول (2): أسماء المواقع والصّبغات الفوريسينيّة | ||
اسم الصّبغة الفوريسينيّة | لون الصبغة التألقية | أسماء المواقع الوراثيّة |
6-FAM | الأزرق | Amelogenin-TH01-D3S1358- Vwa-D21S11 |
BTG | الأخضر | TPOX-D7S820-D19S433-D5S818-D2S1338 |
BTY | الأسود | D16S539-CSF1PO-D13S317-FGA |
BTR | الأحمر | D18S51-D8S1179 |
النتائج والمناقشة
درسنا في هذا البحث تأثير أشعّة غاما بجرعات إشعاعيّة (0-250-350-450) كيلو غراي على مواقع STR باستعمال عينات الأسنان. بدايةً تمكنا من توطين الحصول على البصمة الوراثية من عينات DNA مستخلصة من الأسنان ضمن الظّروف التّجريبيّة المتوفّرة بمخابرنا, وحصلنا على ملفات تنميط كاملة للدّنا من عينات الأسنان لدى كل من المجموعة الشّاهدة والمجموعة المعرّضة للجرعة الإشعاعيّة 250 كيلو غراي وهي جرعة إشعاعيّة عالية جدّاً الشكل(1), مما يؤكد أهمية استعمال الأسنان كعينات شرعية هامة لتحديد الهوية الشخصية للضّحايا في حال تعذّر تحديدها من عينات أخرى بسبب تدرك الدّنا فيها.
يظهر الشّكل 1 ملف تنميط لعينة دنا مستخلصة من ضرس معرض للجرعة 250 كيلو غراي, حيث تمكّنا من الحصول على كامل المواقع الوراثية ال16 الّتي تكشفها عتيدة كياجين المستعملة في هذا البحث. تظهر المواقع بأربع ألوان (أزرق, أخضر, أسود, أحمر بالترتيب) كما ذُكر سابقاً, وترتب المواقع عند كل لون من الأقصر للأطول من اليسار(الأقصر) إلى اليمين (الأطول) على ملف التّنميط, بينما يعبّر ارتفاع ذرا القمة على نسبة الفلورة الّتي تشير إلى كمية الدّنا السّليمة (القابلة للتّضخيم). إذا ظهر لدينا قمة واحدة في الموقع الوراثي يكون الشخص متماثل اللواقح ( أي ورث من الأم نفس عدد التكرارات الّتي ورثها لهذا الموقع من الأب) أما إذا ظهر لدينا قمتان في الموقع الوراثي يكون الشّخص متخالف اللواقح ( أي ورث من الأم عدد تكرارات لهذا الموقع مختلف عن تلك الّتي ورثها لهذا الموقع من الأب). وبالرّغم من الحصول على كامل المواقع الوراثية لدى مجموعة التّعرض للدّرجة الإشعاعيّة 250 كيلو غراي كان هناك انخفاض في ارتفاع قمم المواقع الوراثية مقارنة مع المجموعة الشّاهدة (غير المعرضة للتشعيع) الشكل (2) مما يدل على أن الإشعاع سبب تدرّك لبعض جزيئات الدّنا (تدرّك لبعض مواقع STR) مما تسبب بانخفاض قمم المواقع الوراثية, لكنّه مع ذلك لم يعيق الحصول على بصمة وراثية كاملة من كافة العينات المعرّضة للدّرجة الإشعاعيّة 250 كيلو غراي.
ويعود هذه الانخفاض في ذرا قمم المواقع الوراثية لأنّ الأشعّة أثناء مرورها تتفاعل مع جزيئة الدّنا وتتسبب في حدوث العديد من الأذيات في جزيئة الدّنا , مما يؤدّي إلى العديد من التغيرات البيولوجية مثل تعديل الأسس كيميائيّاً -الروابط التّصالبيّة الّتي تمنع انفكاك طاقي الدّنا لحدوث الانتساخ – الأذيات العنقودية و كسور طوق الدّنا أحادية وخاصّة الكسور ثنائية الطّاق الّتي تعدّ من أهم وأخطر الأذيات والّتي تحول دون تضخيم الدّنا بالـ PCR ]11-12[, إضافة للأذيات غير المباشرة النّاتجة عن الجذور الحرّة الّتي تهاجم جزيئة الدّنا وتسبب تدرّكها. [24-36] ونتيجةً لهذه الأذيات يحدث تدرّك للدّنا يؤدي نقص في كمية الدّنا السّليم الّذي سيرتبط مع المشارع ليتم تضخيمه بواسطة إنزيم الدّنا بولميراز أثناء تفاعل PCR مما يتسبب بفقدان تضخم بعض المواقع الوراثية المتدرّكة وخاصة المواقع الكبيرة لأنّها أكثر عرضة للتدرك[16-37], وبالتّالي تؤدي هذه الأذيات الإشعاعيّة إلى فقدان بعض نسخ من المواقع الوراثية نتيجة تدركها, ويزداد هذا الفقد مع تزايد الدّرجة الإشعاعيّة مما يتسبب بانخفاض في ذرا قممها والّذي يبدو واضحاً من خلال انخفاض قيمة الفلورة أثناء الرّحلان الكهربائيّ لشدف المواقع الوراثيّة نتيجة تخرب بعض النّسخ من هذه الشّدف بتأثير الإشعاع المؤيّن. ولدى المجموعات المعرضة للجرعة الإشعاعيّة 350 كيلو غراي الشكل (3) والجرعة 450 كيلو غراي بدأ اختفاء المواقع ذات الوزن الجزيئيّ الأكبر (225-450 pb) مثل D2S1338)- D21S11- FGA-D18S51-D8S1179 -D5S818 ) لدى بعض العينات لأنّ المواقع الكبيرة تتأثر بالإشعاع بشكل أكبر وبالتّالي تحدث الأذيات فيها بتواتر أكبر وبالتّالي عدم كفاية جزيئات الدّنا السّليمة المستهدفة لربط البادئات (المشارع) وهذا يمنع أنزيم taq بوليميراز من تضخيمها وبالتّالي فشل تضخيمها مما يؤدي إلى انخفاض ارتفاع ذرا قممها إلى ما دون عتبة الكشف (هناك ارتباط بين متوسط طول الأليل وسلامة تضخيمه وظهوره وتنميطه). [5-35-37] بينما تمكنا من الحصول على كامل المواقع صغيرة الوزن الجزيئيّ (70-220 pb) مثل (Amelogenin- TH01- TPOX- D7S820 – D16S539 – CSF1PO -D18S51), مما يؤكد أهمية المواقع الصّغيرة الوزن الجزيئيّ لتحديد الهوية الشّخصيّة في الدّرجات الإشعاعيّة المرتفعة حتى في حال الحصول على بصمة وراثية غير كاملة.
تعد الجرعات الإشعاعيّة المستعملة في البحث جرعات إشعاعيّة عالية جداً ومع ذلك تمكّنا من تحديد جميع المواقع الوراثيّة صغيرة الوزن الجزيئيّ لدى جميع عينات الدّراسة على الرّغم من خسارتنا لبعض المواقع كبيرة الوزن الجزيئيّ في العينات المعرّضة للجرعة الإشعاعيّة 350 و 450 كيلو غراي, وهذا يؤكّد أولاً على ثباتية المواقع الوراثية صغيرة الوزن الجزيئيّ وأهمية اللّجوء لها عند تحديد هوية الضّحايا, ويدلّ ثانياً على أهمية الأسنان في المحافظة على الدّنا من العوامل المحيطة, فالأسنان هي الأنسجة الأقوى في الجسم البشريّ ويكون لبها محميّاّ جيداً بواسطة العاج والميناء والملاط [27-38], كما أنّ مورفولوجية وتشريح النّسيج السّنّي الفريد من نوعه وموقعه المحمي ضمن الفك يجعله أكثر تحملاً للعوامل الخارجيّة وأقل قابلية للتدرك والتّلوث. [39]
الاستنتاجات
تعد عينات الهيكل العظميّ هي العينات الأهمّ في الاستعراف على ضحايا الحروب والكوارث الجماعية, وذلك لأنّها المواد البيولوجية الوحيدة المتوفرة والمتبقية من الجثث وخاصة بعد التّعرض للعوامل البيئية أو ظروف الحرب كالحرارة العالية أو الإشعاعات المؤيّنة أو الحوادث المؤلمة كالمقابر الجماعية, وذلك بفضل البنية العظميّة المعدنيّة المدمجة لعينات الهيكل العظميّ الّتي تبقى ثابتة لفترات طويلة أكبر بكثير من الأنسجة الرّخوة وبالتالي تحافظ على الدّنا داخلها من التّدرك لفترات زمنية طويلة. وخاصّة الأسنان فموقعها المحميّ ضمن الفك يمنحها ثباتيّة عالية وقدرة على المحافظة على الدّنا بداخلها لفترات طويلة من تأثير العوامل الخارجيّة مما يجعل منها العينات الشّرعيّة الأهمّ. وتبقى المواقع ذات الوزن الجزيئيّ الصّغير هي المواقع الأكثر ثباتية اتجاه العومل المدركة للدنا (كالتّعرض للإشعاعات القوية), وبالتالي الأكثر أهمية لتحديد هوية الضّحايا أثناء الكوارث والحروب, لذا نقترح البحث عن مزيد من هذه المواقع لاستعمالها أثناء تحديد هوية ضحايا الكوراث. كما يمكن الاستدلال من خلال ملفات التّنميط بشكل نسبي على حقيقة التّعرض للإشعاع, وبشكل تقريبيّ على قيمة الجرعة الإشعاعيّة الّتي تعرّضت لها الجثث, فإذا حصلنا على ملفات تنميط كاملة من الأسنان في المناطق المعرّضة للإشعاع, فقد يكون هذا دليلاً مساعداً على أنّ الجرعات الإشعاعيّة لم تتجاوز 250 كيلو غراي.
المراجع :