خلفيّة البحث وهدفه: يُعدّ ريسبيريدون من أشيع مضادات الذهان المُستخدمة في علاج العديد من الاضطرابات النفسيّة، إلا أنّ تأثيراته الضّائرة قد تحد من مطاوعة المرضى لاستخدامه وصولاً إلى إيقافهم العلاج. هدفت هذه الدراسة إلى تقييم تواتر التّأثيرات الدّوائيّة الضّائرة المرافقة لاستخدام ريسبيريدون وتحرّي العوامل اللاجينية التي قد تؤثر في زيادة حدوثها لدى مرضى نفسيين سوريين.
موادّ البحث وطرائقه: تضمّنت دراستنا المقطعية المستعرضة مرضى سوريين مُعالجين بريسبيريدون كمضاد ذهان مفرد، مُراجعين لمستشفيي المواساة الجامعي وابن رشد وبعض العيادات النّفسيّة الخاصة في دمشق. سُجّلت الخصائص الديموغرافية والسّريرية للمرضى، وقُيّمت التأثيرات الضائرة بواسطة مقياسيSimpson and Angus scale (SAS) وUdvalg for Kliniske Undersogelser side effect rating scale (UKU). أُجري تحليل البيانات إحصائيّاً باستخدام برمجيتي SPSS بإصدارها اﻟ 26 و®GraphPad Prism بإصدارها التاسع.
النّتائج: شملت دراستنا 51 مريضاً مُحققين لشروط التضمين ومُعالجين بريسبيريدون لاستطبابات مختلفة بأعمارٍ تراوحت بين 15-58 عاماً ومتوسط حسابيّ قدره 31.35 ±12.94 عاماً. بلغت نسبة الذكور (70.6%)، وشُخّص أكثر من نصف المرضى بالفصام (58.8%). بيّنت نتائجنا تواتراً مرتفعاً (n=41، 80.4%) للتأثيرات الضّائرة الناجمة عن ريسبيريدون وكانت التّأثيرات خارج الهرمية الأعلى تواتراً (58.8%). أوقف العلاج أربعة مرضى (7.8%) بسبب عدم تحمّل التأثيرات الضائرة. تزامن التّداوي بريسبيريدون لدى 15 مريضاً (29.4%) مع استعمالٍ لدواءٍ واحدٍ على الأقل يثبط من استقلابه. ونجم عن ذلك ازديادٌ في اختطار ظهور التأثيرات الضّائرة لريسبيريدون بنحو أربعة أضعاف دون وجود فارق معتدّ به إحصائيّاً (OR=4.667, 95% CI: 0.7310-54.46, P=0.2460).
الاستنتاجات: بيّنت دراستنا الانتشار الواسع للتأثيرات الضائرة المرافقة لاستخدام ريسبيريدون لدى مرضى نفسيين سوريين، وقد دفعت هذه التأثيرات بعض المرضى إلى إيقافهم العلاج، الأمر الذي يستدعي المناطرة السريرية الدقيقة.
المقدّمة
تُعد التّأثيرات الضّائرة من القضايا الهامّة صحيّاً، (1) والتي أصبحت من مسبّبات العجز في الرعاية الصحيّة عالميّاً؛ (2) فقد تدفع المرضى لدخول المستشفيات؛ حيث شغلت التأثيرات الدوائية الضائرة 5.2% من القبولات المشفوية في المملكة المتحدة، فضلاً عن العبء الاقتصادي المترتّب عليها؛ حيث قُدّرت التّكلفة السّنوية المُتوقعة من هذه القبولات ﺒ 466 مليون جنيه إسترليني. (3) ارتفع معدل حدوث التأثيرات الضائرة الخطيرة والمهددة للحياة في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد بلغت نسبة التاثيرات الضائرة الخطيرة 6.7%، وأدّت 0.32% من التأثيرات الضائرة إلى وفاة المرضى. (4) ترافقت الأدوية النفسيّة مع تأثيرات ضائرة عديدة؛ حيث بلغ انتشارها في الهند لدى مُراجعي العيادات النفسيّة عام 2013 نسبةً قدرها 5.01%،(5) بينما بلغ تواترها في الدول العربية مثل الإمارات عام 2016 لدى مُراجعي العيادات النفسيّة نسبةً قدرها 10.2%. (6) يترافق العلاج بمضادات الذهان مع تأثيرات ضائرة مختلفة رغم استخدامها بالجرعات العلاجيّة أو جرعات المداومة maintenanceالمُوصى بها، وقد يعود ذلك إلى استخدامها لفترة طويلة أو انخفاض تصفيتها أو شيوع مشاركة الأدوية مما يؤدي إلى زيادة احتماليّة حدوث التّآثرات الدّوائيّة. للتّأثيرات الضّائرة أثر سلبيّ في الصحة النّفسيّة والجسديّة للمريض، وقد ينجم عنها ضعف أو عدم مطاوعته للعلاج ممّا يحول دون وصوله للمحصّلات السّريريّة المطلوبة، ويرافق ذلك زيادة في التّكلفة الإجماليّة للرّعاية الصّحيّة التي قد تصل إلى 6% من ميزانيّتها. (7) تعتمد مضادات الذهان في آليتها على حجب مستقبلات الدوبامين D2 ومستقبلات السيروتونين 5-HT2A في الدماغ، وبسبب عدم انتقائيتها وحجبها لمستقبلات أُخرى مثل المستقبلات الأدرينيّة والمسكارينيّة والهيستامينيّة، ينجم عنها جملة من التأثيرات الضائرة. (8) تتنوع هذه التأثيرات في شدّتها وخطورتها بين متحمّلة (تركين خفيف أو جفاف فم)، وتأثيرات مزعجة (مثل الإمساك أو التململ akathisia أو خلل الوظيفة الجنسية Sexual dysfunction، وتأثيرات مؤلمة (عسر المقوية الحاد (acute dystonias وتأثيرات مُعيقة (خلل الحركة المتأخرtardive dyskinesia)، وتأثيرات مهدّدة للحياة (ندرة المحببات agranulocytosis). (9) يُعد الجيل الأول من مضادات الذهان أكثر إحداثاً للتأثيرات خارج الهرمية وخاصة خلل الحركة المتأخر. أمّا أدوية الجيل الثاني فتمتاز بأنّها أقلّ إحداثاً لها، لكن تبقى تأثيراتها الضائرة الأخرى، مثل التأثيرات الاستقلابيّة والقلبية الوعائيّة والنّعاس والدّوار والتململ وخلل الوظيفة الجنسيّة وجفاف الفم السبب في عدم مطاوعة نصف المرضى، ودفع ثلاثة أرباع المرضى إلى إيقاف العلاج بعد 18 شهراً. (10) يُعدّ ريسبيريدون من أشيع أدوية الجيل الثاني، (11) وقد حاز على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة Food and Drug Administration (FDA) لاستخدامه في علاج الفصام لدى البالغين والأطفال بأعمارٍ تزيد عن 13 عاماً، واستخدامه علاجاً مفرداً في النمط الأول من اضطراب ثنائي القطب Bipolar I لدى البالغين والأطفال بأعمار تزيد عن العشرة أعوام، أو علاجاً مساعداً مع الليثيوم أو الفالبروات لدى البالغين، وعلاج الهياج irritability المُرافق لطيف التوحد لدى الأطفال بأعمار تزيد عن الخمسة أعوام. يُلاحظ استخدامه في علاج الأعراض الذهانية المرافقة لعدة أمراض مثل الاكتئاب أو اضطراب الشّخصيّة الحديّة borderline personality ومتلازمة Tourette وغيرها من الاستطبابات غير المصرح بها من قبل اﻟ FDA.(12) تُعد زيادة الوزن والتأثيرات خارج الهرمية واضطراب شّحميات الدم والسكّري من التأثيرات الضائرة الهامّة سريرياً لدى البالغين المُعالجين بريسبيريدون. أشارت الأكاديميّة الأمريكيّة للطب النفسي للأطفال واليافعين American Academy of Child and Adolescent Psychiatry إلى أنّ التّأثيرات الضّائرة لمضادات الذهان متشابهة في ماهيّتها لدى الأطفال والبالغين.(11) يخضع ريسبيريدون لاستحالة حيويّة biotransformation في الكبد، تحوّله من مركب غير قطبيّ (منحلّ بالدّسم) إلى مستقلب قطبيّ (منحلّ بالماء) ممّا يساعد في طرحه خارج الجسم؛ حيث يخضع في الكبد لتفاعلات الطّور الأول من الاستقلاب التي تتواسطها بصورة رئيسيّة إنزيمات السيتوكروم أكسيدازCytochrome P450 oxidases. (13) يتعرّض ريسبيريدون لعملية هدركسلة في الموضع 9، ويتحول بنتيجتها إلى المستقلب الفعّال 9-هيدروكسي ريسبيريدون 9-hydroxy Risperidone (المسوّق باسم Paliperidone والمكافئ لفعاليّة ريسبيريدون) بشكل أعظمي بتواسط إنزيم CYP2D6 وبدرجة أقل بتواسط إنزيمات CYP3A4 وCYP3A5. (14) تزداد احتماليّة حدوث التّأثيرات الضّائرة لمضادات الذّهان بسبب التّآثرات الدوائيّة، فقد أشارت جمعيّة علم النّفس الأمريكيّة American Psychiatric Association في دليلها الإرشادي المنشور عام 2020 في علاج الفصام إلى ضرورة الحذر من التآثرات الدوائية المحتملة بين مضادات الذهان والأدوية الموصوفة. (15) قد تكون هذه التآثرات الدوائية على مستوى الاستقلاب؛ حيث تعمل مثبطات CYP2D6 على تثبط استقلاب ريسبيريدون مما يؤدي إلى زيادة مستوياته المصليّة، الأمر الذي يزيد احتمالية تأثيراته الضائرة. (16) بالمقابل تؤدي مشاركته مع محرضات CYP3A4 مثل كاربامازيبين إلى انخفاض مستوياته المصليّة بسبب زيادة استقلابه. (17)نظراً لقلة الدراسات المنشورة عالميّاً بخصوص التأثيرات الضائرة لريسبيريدون وندرتها في سوريّة، هدفت هذه الدراسة إلى تحرّي ماهيّة التّأثيرات الضّائرة لريسبيريدون وتواترها لدى مرضى سوريين وتقييم تأثير العوامل اللاجينية في زيادة حدوثها.
الموادّ والطّرائق
تصميم وجمهرة الدراسة
صُممت دراساتنا لتكون دراسة مقطعيّة-مستعرضة cross-sectional study ضمنت أفراداً يتلقون ريسبيريدون في عددٍ من المؤسسات الصحية شملت مستشفى المواساة الجامعي، ومستشفى ابن رشد للأمراض النفسية، وعدد من العيادات النّفسيّة الخاصة في دمشق، وسجّلت التأثيرات الضائرة وصنّفت حسب مقاييس مُعتمدة عالميّاً تقيّم التأثيرات الضائرة عموماً مثل UKU والتأثيرات خارج الهرمية خصوصاً مثل SAS، وذلك بعد تقديم الشروحات الوافية لهم حول البحث والحصول على موافقاتهم المستنيرة. حظيت هذه الدراسة بموافقة لجنتي أخلاقيات البحث العلمي في كلية الصيدلة بتاريخ 4/1/2022 وجامعة دمشق بتاريخ 29/1/2022، وأُجريت في الفترة الممتدّة بين شباط 2022 وتشرين الثاني 2023. شملت معايير التضمين مرضى من كلا الجنسين ومن جميع الأعمار، مشخّصين بأحد استطبابات ريسبيريدون وفق الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية – الإصدار الخامس The Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition (DSM-5) ويتلقون ريسبيريدون علاجاً مفرداً لمدة ثلاثة أشهر. اُستبعد المرضى المُعالجون بمضادات ذهان أخرى، والمريضات الحوامل أو المرضعات، وممن لديهم أمراض كبدية أو كلوية مرافقة، والمعالجين بريسبيريدون لفترة تقل عن ثلاثة أشهر.
استبانة الدراسة
صُممت الاستبانة لجمع البيانات الديموغرافية والمعلومات السريرية ذات الصلة بجمهرة الدراسة، والتي اشتملت على البنود التالية: العمر، الجنس، المحافظة، معلومات التواصل، التدخين، التحصيل العلمي، التاريخ العائلي، التاريخ الدوائي، ومعلومات خاصة بالتداوي بريسبيريدون من حيث تاريخ البدء والاستطباب والجرعة وأمد المعالجة ومطاوعة المريض.
مقياس الأعراض خارج الهرميةSimpson-Angus Scale (SAS)
وُضع هذا المقياس من قبل العالمين Simpson وAngus عام 1970 لتقييم الأعراض خارج الهرمية التي يسببها حجب الدوبامين لدى استخدام مضادات الذهان، من خلال إجراءات يقوم بها الفاحص ويُطلب من المريض القيام بها لتقييم صلابة العضلات والمنعكسات والرعاش والإلعاب، وإدراج شدتها بمقياس متدرج من القيمة (0) التي تشير إلى غياب العرض وصولاً إلى القيمة (4) والتي تدل على وجود العرض بحده الأعلى. ويمكن حساب الحرز من خلال جمع النقاط التي يسجلها الفاحص لكل عرض من الأعراض خارج الهرمية وتقسيم المجموع على العدد 10، ويشير أيّ ناتج أقل من 0.3 إلى المجال الطبيعي.(18)
مقياس التأثيرات الجانبيةUdvalg for Kliniske Undersogelser Side Effect Rating Scale :(UKU)
طُوّر هذا المقياس عام 1987 لتقييم حدوث تأثيرات جانبية مختلفة ناجمة عن استخدام مضادات الذهان ولا يتخصص بنوعٍ معين منها، يُعد من أكثر المقاييس شيوعاً واستخداماً في الأبحاث، ويمكن أن يتم تسجيل التّأثيرات من قبل الطبيب أو المريض. يُقسم هذا المقياس إلى أربعة أقسام: عشرة بنود للتأثيرات النفسيّة، وثمانية بنود للتأثيرات العصبيّة، وأحد عشر بنداً للتأثيرات العصبيّة الذاتيّة، وتسعة عشر بنداً للتأثيرات الجانبية الأخرى. تُقيّم شدة التأثيرات برقم يتراوح من 0 (غياب التأثير) إلى 3 (تأثير شديد). (19) (20)
تقييم التّآثرات الدّوائيّة المُحتملة
جرى تقييم الأدوية المتناولة من قبل المرضى والمُحتمل تآثرها مع ريسبيريدون بالاستناد إلى جملة من المرجعيّات نذكر منها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وجدول فلوكهارت Flockhart للتآثرات الدوائية، والإصدار رقم 85 من مرجع الوصفات الوطني البريطاني .(BNF) British National Formulary
التّحليل الإحصائيّ
اُستخدمت برمجية ® GraphPad Prism بإصدارها التاسع وبرمجية SPSS بإصدارها اﻟ 26 لتحليل البيانات إحصائيّاً. اُجري التحليل الوصفي والتعبير عن المتغيرات الفئوية والاسمية بالتواتر والنسب المئوية، والتعبير عن المتغيرات الكميّة بالمتوسط الحسابي والوسيط والانحراف المعياريّ. استخدم اختبارFisher’s exact للعينتين غير المرتبطتين لدراسة العلاقة بين التأثيرات الضائرة والمعلومات الديموغرافية والسريرية لجمهرة الدراسة. اُعتمدت قيمة الدلالة 0.05>p كقيمة معتدّ بها إحصائيّاً في الاختبارات الإحصائية المطبّقة.
النّتائج
الخصائص الدّيموغرافيّة والسّريريّة لجمهرة الدّراسة:
من أصل 563 مرضى نفسيين مُعالجين بمضادات ذهان جرى تقييم أهليتهم للمشاركة في هذه الدّراسة، حقّق 51 فرداً معايير التضمين (مُعالجين بالريسبيريدون علاجاً مفرداً مضاداً للذهان) وافقوا على المُشاركة في الدّراسة. توزعوا بين 34 مريضاً من مستشفى المواساة الجامعي، وثمانية مرضى من مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية، وتسعة مرضى من عيادات نفسيّة خاصة. يبين الشكل (1) مخططاً انسيابيّاً تفصيلياً لمجريات انتقاء جمهرة الدراسة. كان معظم المرضى من محافظتي دمشق (41.2%) وريفها (25.5%). تراوحت أعمار المرضى بين 15-58 عاماً بمتوسط حسابيّ قدره 31.35 عاماً وانحرافٍ معياريّ بلغ 12.94 عاماً. وكانت غالبية الجمهرة من الذكور بنسبة (70.6%)، كانت النسبة الأعلى بمستوى تعليميّ جامعيّ (33.3%)، وتقاربت نسبة غير المدخنين (56.9%) مع المدخنين. تجاوز عدد المرضى المُشخصين بالفصام نصف جمهرة الدراسة (58.8%)، تلاه اضطراب ثنائي القطب (21.6%) في حين توزع باقي المرضى على الاضطرابات النفسيّة الأخرى (19.6%)، بلغ وسيط جرعة الريسبيريدون كمضاد ذهان مفرد 4 مغ/يوم. تناول ما يقارب ثلث المرضى (37.3%) أدوية لاستطبابات أخرى ومحتملة التآثر الدّوائي مع ريسبيريدون على مستوى الاستقلاب. أفاد 41.2% من المرضى بوجود قصة عائليّة لمرض نفسي، كما وُصف مضاد كوليني ﻟ 33.3% من المرضى لتدبير التأثيرات خارج الهرمية. وهذا ما يُوضّحه الجدولان (1) و(2).
الجدول 1. الخصائص الديموغرافية لجمهرة الدراسة
الخصائص | العدد (%) |
الجنس | |
إناث | 15 (29.4) |
ذكور | 36 (70.6) |
العمر (عام) | |
<20 | 8 (15.7) |
[20-29] | 24 (47.1) |
[30-39] | 4 (7.8) |
[40-49] | 8 (15.7) |
[50-59] | 7 (13.7) |
المحافظة | |
دمشق | 21 (41.2) |
ريف دمشق | 13 (25.5) |
حلب | 4 (7.8) |
اللاذقية | 3 (5.9) |
باقي المحافظات السوريّة | 10 (19.6) |
المستوى التعليمي | |
محو أمية/أمي | 2 (3.9) |
ابتدائي | 14 (27.5) |
اعدادي | 9 (17.6) |
ثانوي | 9 (17.6) |
جامعي | 17 (33.3) |
التدخين | |
نعم | 22 (43.1) |
لا | 29 (56.9) |
الجدول 2. الخصائص السريرية لجمهرة الدراسة
الخصائص | العدد (%) |
التشخيص |
|
فصام |
30 (58.8) |
ثنائي القطب | 11 (21.6) |
اكتئاب | 3 (5.9) |
اضطراب المسلك | 1 (2) |
طيف التوحد | 1 (2) |
اضطراب النمو الذهني | 1 (2) |
اضطرابات ذهانية أخرى: | 4 (7.8) |
اضطراب توهمي | 1 (2) |
اضطراب ذهاني وجيز | 2 (3.9) |
اضطراب فصامي الشكل | 1 (2) |
جرعة الريسبيريدون (مغ/يوم) | |
2 | 5 (9.8) |
4 | 24 (41.1) |
6 | 12 (23.5) |
8 | 9 (17.6) |
12 | 1 (2) |
التآثرات الدوائيّة | |
لا يوجد | 32 (62.7) |
نعم يوجد | 19 (37.3) |
مثبطات CYP2D6 قويّة | 6 (11.8) |
مثبطات CYP2D6 متوسطة | 6 (11.8) |
مثبطات CYP2D6 ضعيفة | 3 (5.9) |
محرّضات CYP3A4 قويّة | 4 (7.8) |
منظومة الرعاية الصحيّة | |
مستشفى المواساة الجامعي | 34 (66.7) |
عيادات خاصّة | 9 (17.6) |
مستشفى ابن رشد للأمراض النفسيّة | 8 (15.7) |
قصة عائلية لمرض نفسي | |
نعم | 21 (41.2) |
لا | 30 (58.8) |
إدخال مضاد كولينيّ | |
نعم | (33.3%) 17 |
لا | (66.7%) 34 |
تواتر التأثيرات الضّائرة وماهيتها
عانى أكثر من ثلاثة أرباع المرضى (n=41، 80.4%) من التأثيرات الضائرة الناجمة عن استخدام ريسبيريدون، وكانت السبب في إيقاف العلاج بريسبيريدون لدى أربعة مرضى (7.8%) بسبب عدم تحمّلها. لُوحظ أنّ التأثيرات خارج الهرمية هي الأكثر تواتراً (n=30، 58.8%) تنوّعت بين عسر المقوية (n=10، 19.6%) والرعاش (n=6، 11.8%) والصلابة (n=8، 15.7%) وتباطؤ الحركة (n=3، 5.9%) والتململ (n=3، 5.9%). يُضاف لهذه الأعراض كلٌ من زيادة الوزن (n=12، 23.5%) وزيادة اللعاب (n=9، 17.6%)، والشعور بالتعب (n=7، 13.7%)، والصداع (n=6، 11.8%). عانى ستة مرضى من أصل 36 من مرضى الدّراسة الذكور من اضطرابات في الوظيفة الجنسية (n=6، 16.7%)، شملت كلاً من خلل في الانتصاب (n=2، 5.6%) وخلل في القذف (n=2، 5.6%)، وانخفاض النشوة (n=1، 2.8%) وانخفاض الرغبة الجنسية (n=1، 2.8%)، وكما عانت أربع مريضات من أصل 15 مريضة من انقطاع الطمث (n=4، 26.7%). تنوّعت التأثيرات الضائرة الأخرى بين الصّعوبة في التركيز (n=6، 11.8%)، ودوار ناجم عن هبوط الضغط الانتصابي (n=5، 9.8%)، والتوتر (n=4، 7.8%)، وزيادة الأحلام (n=4، 7.8%)، وشعور بالجفاف أو انخفاض اللعاب (n=3، 5.9%)، والتركين أو التهدئة (n=3، 5.9%)، وثر الحليب (n=2، 3.9%)، وزيادة في ساعات النوم (n=2، 3.9%)، وضعف الذاكرة (n=2، 3.9%)، ونقص التعاطف (n=2، 3.9%)، ونقصان الوزن (n=1، 2%)، وشعور الاكتئاب (n=1، 2%)، واضطرابات في المطابقة (n=1، 2%)، والامساك (n=1، 2%)، والبوال (n=1، 2%)، وتسرع القلب (n=1، 2%). تنوعت شدّتها بين الخفيفة والمتوسطة والشديدة. وهذا ما يُوضحه الشكل (2).
التّآثرات الدوائيّة مع الريسبيريدون
تبيّن أن 19 مريضاً (37.3%) كانوا يستخدمون دواءً واحداً على الأقل بالتزامن مع ريسبيريدون ويحتمل لإحداثه تآثرات على مستوى حركية الدواء وعلى وجه الخصوص استقلاب ريسبيريدون، مع تأكيد حدوث تأثيرات ضائرة خاصة بريسبيريدون مثل التأثيرات خارج الهرمية وزيادة الوزن لدى 18 مريضاً منهم. تنوعت الأدوية المثبطة لإنزيم CYP2D6 بين مثبط قوي لدى (n=6، 11.8%) مثل فلوكستين Fluoxetine، ومثبط متوسط القدرة التثبيطية لإنزيم CYP2D6 لدى (n=6، 11.8%) مثل سيرترالين Sertraline، ومثبط ضعيف لدى (n=3، 5.9%) مثل إسيتالوبرام Esitalopram وجميعها من زمرة SSRIs، بالمقابل اقتصر استعمال محرضات إنزيم CYP3A4 على أربعة مرضى (7.8%)، وصُنّفت جميعها على أنّها محرضات قويّة مثل كاربامازيبين Carbamazepine من مضادات الاختلاج (anticonvulsant)، وهذا مُوضح في الشكل (3).
علاقة التأثيرات الضّائرة مع الخصائص الديموغرافية والسريريّة للمرضى
يُظهر الجدول (3) توزع التّأثيرات الضّائرة لدى المرضى وفقاً لمجموعة من العوامل الديموغرافية والسّريريّة. كما يُوضح نتائج الاختبارات الإحصائية التي أُجريت في محاولتنا لتحري علاقات الارتباط بين هذه العوامل والتّأثيرات الضّائرة. تشير قيم الدّلالة الإحصائيّة P التي تجاوزت (0.05) إلى عدم وجود علاقة ارتباط بين التّأثيرات الضّائرة ومعالم شملت كلاً من جنس المريض والعمر والمحافظة والتدخين والجرعة الموصوفة من ريسبيريدون واستخدام محرضات CYP3A4. ازداد خطر ظهور التأثيرات الضائرة لدى استخدام مثبطات CYP2D6 بنحو أربعة أضعاف مقارنة بغيابها (OR=4.667) وبفواصل موثوقيّة غير معتدّ بها إحصائيّاً (95%CI: 0.7310-54.46, P=0.2460).
الجدول3 . تواترات التأثيرات الضّائرة للريسبيريدون وخصائص المرضى الديموغرافية والسريريّة
الخصائص | وجود التأثيرات الضائرة
(n=41) |
غياب التأثيرات الضائرة
(n=10) |
P-value | |
الخصائص الديموغرافية | ||||
الجنس | ذكر | 28 (77.8%) | 8 (22.2%) |
0.7027 |
أنثى | 13 (86.7%) | 2 (13.3%) | ||
المحافظة | دمشق وريفها | 29 (85.3%) | 5 (14.7%) | 0.2700 |
باقي المحافظات السورية | 12 (70.6%) | 5 (29.4%) | ||
العمر | [29-15] | 24 (75%) | 8 (25%) | 0.2866 |
[59-30] | 17 (89.5%) | 2 (10.5%) | ||
التدخين | نعم | 19 (86.4%) | 3 (13.6%) | 0.4833 |
لا | 22 (75.9%) | 7 (24.1%) | ||
الخصائص السريرية | ||||
الجرعة
(مغ/اليوم) |
2-4 | 23 (79.3%) | 6 (20.7%) | 0.9999< |
6-12 | 18 (81.8%) | 4 (18.2%) | ||
مثبطات CYP2D6 | نعم | 14 (93.3%) | 1 (6.7%) | 0.2460 |
لا | 27 (75%) | 9 (25%) | ||
محرضات CYP3A4 | نعم | 4 (100%) | 0 (0%) | 0.5734 |
لا | 37 (78.7%) | 10 (21.3%) |
المناقشة
تزايد الاهتمام عالميّاً بخطورة التأثيرات الضائرة للأدوية النفسية وما يترتب عليها من مشاكل صحيّة وأعباء اقتصاديّة. (7) الأمر الذي دفع دراسات عديدة إلى رصد التأثيرات الضائرة للأدوية النّفسيّة سواء لدى المرضى المقيمين في المشفى (7) (21) أو المُراجعين للعيادات الخارجية. (6) (22) تُعد دراستنا من أوائل الدراسات في سورية التي تحرّت تواتر التأثيرات الضائرة المرافقة لاستخدام ريسبيريدون؛ حيث بيّنت انتشاراً مرتفعاً لهذه اللتأثيرات الضائرة وبنسبة قدرها (80.4%)، مقاربةً بذلك نسبة انتشار التأثيرات الضائرة في الهند (68.2%) لدى مرضى الفصام في دراسة Alladi وزملائه.(23) وقد شغلت التأثيرات خارج الهرمية في دراستنا النسبة الأكبر من التأثيرات الضائرة (58.8%) وكان عسر المقوية في مقدمتها، وتفاوتت هذه النتيجة مع نتائج الدراسات الأخرى؛ فقد كانت نسبة التاثيرات خارج الهرمية في دراستنا مشابهةً لنسبتها في اليابان في دراسة Ito وزملائه (59.1%)، (24) ومرتفعة جداً مقارنةً بتواترها في رومانيا في دراسة Cojocaru وزملائها (16.07%) لدى مرضى بالغين مُشخصين بالفصام. (25) احتلت زيادة الوزن المرتبة الثالثة من حيث التواتر بين التأثيرات الضائرة المدروسة في بحثنا وبنسبة قاربت ربع المرضى (23.5%)، وكان هذا التواتر الذي سجلته في دراستنا أعلى بقليل من تواتر زيادة الوزن المُسجل في دراسة Cojocaru وزملائها (8.92%(. (25) وكان أخفض بقليل من النسبة التي وردت في دراسة Almoguera وزملائه (36%) في اسبانيا. (26) يمكن تفسير هذه التفاوتات في انتشار التأثيرات الضائرة بين الدراسات باختلاف حجم الجمهرات المدروسة والتغايرية بينها من حيث العوامل الجينية واللاجينية واختلاف مدّة التداوي بريسبيريدون والإجراءات المتّبعة في المناطرة. يستدعي الانتشار الكبير للتأثيرات الضائرة المُلاحظ لدى جمهرة دراستنا القيام بالمناطرة المستمرة وتقييم جميع التأثيرات الضائرة التي قد تحول دون استمرار المريض في المعالجة وتدهور حالته الصحية بشكل عام والنفسية على وجه الخصوص. يُستقلب ريسبيريدون بشكل أعظمي بتواسط إنزيم CYP2D6 وبدرجة أقل بتواسط إنزيمي CYP3A4 وCYP3A5. (27) من الشائع مشاركة ريسبيردون مع أدوية أخرى مثل مضادات الذهان أو مضادات الاكتئاب أو مضادات الصرع وقد ينجم عن هذه المشاركات تآثرات دوائية ذات أهمية سريرية. (27) استبعدت دراستنا المرضى الذين يتناولون أدوية أخرى مضادة للذهان، إذ اقتصرت معايير التضمين في الدّراسة الحاليّة على المرضى النفسيين الذين يتناولون مضاد ذهان واحد هو ريسبيريدون، وبالتّالي يُتوقع نظريّاً أن تكون نسبة انتشار التآثرات الدّوائيّة والتّأثيرات الضائرة لريسبيريدون أعلى لدى المرضى الذين يستعملون مشاركات دوائيّة مضادة للذهان، وهذا ما قد نصادفه بصورة أكبر في العالم الحقيقي. بيّنت دراستنا أنّ ما يقارب ثلث المرضى (37.3%) يتناولون دواءً واحداً على الأقل يؤثر في استقلاب ريسبيريدون؛ حيث تناول (29.5%) من المرضى دواءً واحداً من مثبطات CYP2D6 وقد زادت هذه المشاركة من خطر حدوث التأثيرات الضائرة لدى هؤلاء المرضى، حيث تقوم مثبطات CYP2D6 بتثبط استقلاب ريسبيريدون مما يؤدي إلى زيادة مستوياته المصليّة، الأمر الذي يزيد احتمالية إحداثه للتأثيرات الضائرة. فضلاً عن اختلاف القطبية، فُسر ذلك من خلال وصول ريسبيريدون إلى الدماغ بصورة أكبر من مستقلبه الفعّال (9-هيدروكسي ريسبيرديون) وبالتّالي زيادة خطورة تسبّبه بتأثيرات ضائرة. حيث افترضت العديد من الدراسات الّتي أُجريت في الزجاج أنّ مضخة P-glycoprotein (P-gp) قادر على إخراج 9-هيدروكسي ريسبيرديون من الدماغ بصورة أكبر مقارنةً مع ريسبيريدون، وبالتالي ارتفاع مستويات ريسبيريدون في الدماغ وما ينجم عن ذلك من تأثيرات ضائرة. (28) وهذا يوافق دراسة Spina وزملائه التي أشارت إلى تأثير فلوكستين في زيادة مستويات ريسبيريدون وخطورة حدوث تأثيرات خارج هرمية، (29) بالمقابل لاحظ Bondolfi وزملاؤه زيادةً في التراكيز المصليّة لريسبيريدون لدى مشاركته مع فلوكستين لكن دون تأثير يُذكر في معدلات حدوث التأثيرات خارج الهرمية. (30) أشارت عدّة دراسات إلى انخفاض مستويات ريسبيريدون لدى مشاركته مع محرضات CYP3A4 مثل كاربامازيبين بسبب زيادة استقلابه. (31) (32) فقد ورد في دراسة ﻟ Takahashi وزملائه حول حالة مريضين بوشرت المُعالجة لديهما بريسبيريدون وضبطت الأعراض لديهما دون تأثيرات ضائرة أثناء تداويهما بصورة متزامنة مع الكاربامازيبين، لكن تطورت لديهما تأثيرات خارج هرمية فور إيقافه. (33) على نقيض دراستنا، لم يُنقص إيتاء محرضات CYP3A4 مع ريسبيريدون من حدوث التأثيرات الضّائرة بل حدثت لدى جميع المرضى الذين يتناولونه، وقد يُعزى ذلك لوجود عوامل أخرى غير مدروسة مثل العوامل الجينية الكامنة والتي تقع خارج نطاق دراستنا الحاليّة.
الاستنتاجات
بيّنت دراستنا الانتشار الكبير للتأثيرات الضائرة لريسبيريدون. الأمر الذي يستدعي مُتابعة المرضى بشكل مستمر والقيام بالتدابير اللازمة لتخفيف التأثيرات الضائرة نظراً لتأثيرها السلبي في مطاوعة المرضى وإيقافهم العلاج، وإيلاء عناية خاصة لدى اختيار أصناف دوائيّة من الزمر العلاجية التي يُعرف عنها إمكانية تسببها بتآثرات دوائية مع ريسبيريدون، وانتقاء الأكثر مأمونيّة.
المراجع :